فقد خسرنا.

قَدِّمْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ مَوتِكَ صَالِحًا وَاعْمَل فَلَيْسَ إِلَى الْخُلُوْدِ سَبِيْلُ
وقرأ الجمهور (١): ﴿هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا﴾ بنصبهما، واحتمل هو أن يكون فصلًا، وأن يكون تأكيدًا لضمير النصب في ﴿تَجِدُوهُ﴾. وقرأ أبو السمال، وابن السميفع ﴿هو خير وأعظم﴾ برفعهما على أن يكون ﴿هُوَ﴾ مبتدأ، و ﴿خَيْرٍ﴾ خبره، و ﴿وَأَعْظَمَ﴾ معطوف عليه، والجملة في محل نصب على أنها ثاني مفعولي ﴿تَجِدُوهُ﴾، إن كان بمعنى علم، أو على الحال إن كان بمعنى صادف، كما مرّ آنفًا.
والمعنى: أي وما تقدّموا لأنفسكم في دار الدنيا من صدقة أو نفقة تنفقونها في سبيل الله، أو فعل طاعة من صلاة أو صيام أو حج، أو غير ذلك تجدوا ثوابه عند الله يوم القيامة خيرًا مما أبقيتم في دار الدنيا، وأعظم منه عائدة لكم.
﴿وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ﴾؛ أي: سلوا الله المغفرة لذنوبكم في جميع أوقاتكم. وكافّة أحوالكم، فإن الإنسان قلما يخلو عن تفريط، وكان السلف الصالح يصلون إلى طلوع الفجر، ثم يجلسون للاستغفار إلى صلاة الصبح. واستحب (٢) الاستغفار على الأسماء من القرآن مثل أن يقول: أستغفر الله إنه كان توّابًا، أستغفر الله إنّ الله غفور رحيم، أستغفرُ الله إنه كان غفّارًا، رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين، واغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين. ﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ﴾؛ أي: كثير المغفرة لمن استغفره يغفر ما دون أن يشرك به. ﴿رَحِيمٌ﴾؛ أي: كثير الرحمة لمن استرحمه، فيبدل السيئات حسنات.
وفي "عين المعاني": (٣) غفور يستر على أهل الجهل والتقصير، رحيم يخفف عن أهل الجهل والتوقير. ومن عرف أنّه الغفور الذي لا يتعاظمه ذنب يغفر له أكثر من الاستغفار، وهو طلب المغفرة. ثم إن كان مع الانكسار.. فهو صحيح، وإن كان مع التوبة.. فهو كامل، وإن كان عريًّا عنهما.. فهو باطل. ومن كتب سيد الاستغفار وجرعه لمن صعب عليه الموت انطلق لسانه وسل عليه الموت، وقد جرب مرارًا. وسيد الاستغفار قوله: "اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني، وأنا
(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.
(٣) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon