وثاب، والحسن، والأعمش ﴿تستكثر﴾ بالنصب على حذف (أن) وبقاء عملها، ويؤيد هذه القراءة قراءة ابن مسعود ﴿ولا تمنن أن تستكثر﴾ بزيادة (أن). وقرأ الحسن أيضًا، وابن أبي عبلة ﴿تَسْتَكْثِرُ﴾ بالجزم على أنه بدل من ﴿تَمْنُنْ﴾ كما في
قوله تعالى: ﴿يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ﴾، وقول الشاعر:

مَتَى تَأْتِنَا تَلْمُمْ بِنَا فِي دِيَارِنَا تَجِدْ حَطَبًا جَزْلًا وَنَارًا تَأَجَّجَا
أو بالجزم على إجراء الوصل مجرى الوقف، كما في قول امرىء القيس:
فَاليَوْمَ أَشْرَبْ غَيْرَ مُسْتَحْقِبٍ إِثْمًا مِنَ الله وَلَا وَاغِلِ
بتسكين أشر. وقد اعترض على هذه القراءة؛ لأن قوله: ﴿تَسْتَكْثِرُ﴾ لا يصح أن يكون بدلًا من ﴿تَمْنُنْ﴾؛ لأنّ المنَّ غير الاستكثار، ولا يصح أن يكون جوابًا للنهي. واختلف السلف في معنى الآية، فقيل المعنى: لا تمنن على ربك بما تتحمله من أعباء النبوة كالذي يسشكثر ما يتحمله بسبب الغير. وقيل: ولا تمنن على أصحابك بما علمتهم وبلغتهم من الوحي مستكثرًا ذلك عليهم. وقيل: لا تعط عطيّة تلتمس فيها أفضل، قاله عكرمة وقتادة. وقال مجاهد: لا تضعف أن تستكثر من الخير من قولهم: حبل متين إذا كان ضعيفًا. وقال الربيع بن أنس: لا تعظم عملك في عينك أن من الخير. وقال ابن كيسان: لا تستكثر عملًا فتراه من نفسك إنما عملك منة من الله عليك، إذ جعل لك سبيلًا إلى عبادته. وقيل: لا تمنن بالنبوة والقرآن على الناس، فتأخذ منهم أجرًا تستكثره. وقال محمد بن كعب: لا تعط مالك مصانعة. وقال زيد بن أسلم: إذا أعطيت عطيّة فأعطها لربك.
٧ - ﴿وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (٧)﴾؛ أي: ولوجه ربك فاصبر على طاعته وعبادته. وقيل: فاصبر لحكم ربك، ولا تتألم من أذية المشركين، فإن المأمور بالتبليغ لا يخلو عن أذى الناس، ولكن بالصبر يستحيل المر حلوًا وبالتمرن يحصل الذوق. وقال ابن زيد: حملت أمرًا عضيمًا، فحاربتك العرب والعجم فاصبر عليه لله. وقيل: اصبر تحت موارد القضاء لله، وقيل: اصبر على البلوى، وقيل: على الأوامر والنواهي.
والخلاصة: لا تجزع من أذى من خالفك.
٨ - ولما أتم إرشاد رسوله أردفه بوعيد الأشقياء، فقال: ﴿فَإِذَا نُقِرَ﴾ ونفخ ﴿فِي النَّاقُورِ﴾ والصور نفحة البعث
٩ - ﴿فَذَلِكَ﴾ الوقت؛ أي: وقت نقر الناقور ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ بدل


الصفحة التالية
Icon