خالف الحق ورده عارفًا به، فهو عنيد وعاند، يعني: منكرًا. والمعاندة: المفارية والمجانبة والمعارضة بالخلاف كالعناد. والعنيد هنا بمعنى المعاند كالجليس والأكيل والعشير بمعنى المجالس والمؤاكل والمعاشر. ﴿سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (١٧)﴾ قال الراغب: رهقه الأمر إذا غشيه بقهر، يقال: رهقته وأرهقته مثل: ردفته وأردفته وتبعته وأتبعته، ومنه: أرهقت الصلاة؛ أي: أخرتها حتى غشي وقت الأخرى. والصعود: العقبة الشاقّة، ويستعار لكلّ مشاق. والمعنى: سأكلّفه كرهًا بدل ما يطمعه من الزيادة ارتقاء عقبة شاقّة المصعد، كما مرّ. ﴿إِنَّهُ فَكَّرَ﴾ من التفكير بمعنى التفكر والتأمل.
﴿ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (٢٢)﴾ ﴿عَبَسَ﴾ من باب جلس، وبسر من باب دخل كما في "المختار" فيهما. وفي "السمين": قوله: ثمّ عبس يعبس عبسا وعبوسًا؛ أي: قطب وجهه، "يقال: قطب بين عينيه إذا جمع، وبابه: ضرب وجلس". والعبس: ما يبس في أذناب الإبل من البعر والبول، ويقال: بسر يبسر بسرًا وبسورًا إذا قبض ما بين عينيه كراهية للشيء، واسودّ وجهه، منه يقال: وجه باسر؛ أي: منقبض أسود، وأهل اليمن يقولون: بسر المراكب، وأبسر إذا وقف، وأبسرنا؛ أي: صرنا إلى البسور. وقال الراغب: البسر استعجال الشيء قبل أوانه، نحو: بسر الرجل حاجته طلبها في غير أوانها، وماء بسر؛ أي: متناول من غدير قبل سكونه، ومنه: قيل للذي لم يدرك من الثمر بسر.
﴿إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ﴾ يقال: أثرت الحديث أثره أثرًا إذا حدّث به عن قوم في آثارهم؛ أي: بعدما ماتوا، هذا هو الأصل ثمّ كان بمعنى الرواية عمّن كان، وحديث مأثور؛ أي: منقول ينقله خلف عن سلف، وأدعية ماثورة؛ أي: مروية عن الأكابر. ﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (٢٦)﴾؛ أي: أدخله جهنم، لما قال في "الصحاح": سقر اسم من أسماء النار، وهو ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث. ﴿لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (٢٩)﴾؛ أي: محرقة لظاهر الجلد، وهي بناء مبالغة، وفيها معنيان، كما مرّ أحدهما من لاح يلوح؛ أي: ظهر؛ أي: إنها تظهر للبشر، وثانيهما وهو الأرجح أنّها من لوّحه؛ أي: غيّره وسوّده. والبشر: جمع بشرة كثمر وثمرة، وهو ظاهر الجلد. ﴿وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أصله: يزتيد بوزن يفتعل، أبدلت تاء الافتعال دالًا وأبدلت الياء ألفًا لتحركها بعد فتح.
﴿وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ أصله: يرتَيبْ بوزن يفتعل، قلبت الياء ألفًا لتحركها


الصفحة التالية
Icon