بحشر ولا بعث حتى لا تتنغص عليه لذاته ولمثل هؤلاء قال ﴿بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (٥)﴾.
٧ - وقد ذكر سبحانه من علامات يوم القيامة أمورًا ثلاثة:
١ - فقال ﴿فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧)﴾؛ أي: تحير واضطرب وجال فزعًا من أهوال يوم القيامة. من برق الرجل إذا نظر إلى البرق فدهش، ثم استعمل في كل حيرة وإن لم يكن هناك نظر إلى البرق، وهو واحد بروق السحاب ولمعانه. قال الفرّاء: تقول العرب للإنسان المتحير المبهوت: قد برق. وأنشد:
فَنَفْسَكَ فَانْعِ وَلَا تَنْعَنِيْ | وَدَاوِ الْكُلُومَ ولا تَبْرَقِ |
وقرأ الجمهور (١) ﴿بَرِقَ﴾ بكسر الراء. قال عمرو بن العلاء والزجاج وغيرهما: المعنى تحير فلم يطرف. وقال الخليل والفرّاء ﴿بَرِقَ﴾ بالكسر: فزع وبهت وتحير. وقرأ زيد بن ثابت، ونصر بن عاصم، وعبد الله بن أبي إسحاق، وأبو حيوة، وابن أبي عبلة، والزعفراني، وابن مقسم، ونافع، وزيد بن علي، وأبان عن عاصم، وهارون، ومحبوب كلاهما عن أبي عمرو، والحسن، والجحدري بخلاف عنهما بفتحها؛ أي: لمع بصره من شدة شخوصه للموت. وقال أبو عبيدة: فتح الراء وكسرها لغتان بمعنى. وقرأ أبو السمال ﴿بَلِقَ﴾ باللام بدل الراء؛ أي: انفتح وانفرج، يقال: بلق الباب وأبلقه إذا فتحه.
٢ - ٨ ﴿وَخَسَفَ الْقَمَرُ (٨)﴾؛ أي: ذهب ضوءه، فإن خسف يستعمل لازمًا ومتعديًّا، يقال: خسف القمر وخسفه الله، أو ذهب نفسه من خسف المكان؛ أي: ذهب في الأرض، ولكن هذا المعنى لا يناسب ما بعد الآية، أي: ذهب ضوءه كما نعقله من حاله في الدنيا إلا أن الخسوف في الدنيا إلى انجلاء، وفي الآخرة لا يعود ضوءه.
(١) البحر المحيط والشوكاني.