يدل عليها، والعرب تحذف من الكلام ما يدل عليه، يقولون: أرسلت يريدون أرسلت السماء المطر، ولا تكاد تسمعهم يقولون: أرسلت السماء. قال حاتم يخاطب زوجه:

أَماوِيُّ مَا يُغْنِي الثَّرَاءُ عَنِ الْفَتَى إِذَا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ
ونحو الآية قوله تعالى: ﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤)﴾.
والمعنى: أي إذا بلغت النفس الناطقة، وهي الروح الإنساني أعالي الصدر، وهي العظام المكتنفة لثغرة النحر عن يمين وشمال، فإذا بلغت إليها يكون وقت الغرغرة. والتراقي؛ جمع ترقوة بفتح التاء، والواو وسكون الراء، وضمّ القاف. قال في "القاموس": الترقوه ولا تضم تاؤه: العظم بين ثغرة النحر والعاتق انتهى. والعاتق موضع الرداء من المنكب. قال بعضهم: لكل أحد ترقوتان، ولكن جمع التراقي باعتبار الأفراد. وبلوغ النفس التراقي كناية عن عدم الإشفاء. والعامل في ﴿إِذَا بَلَغَتِ﴾ معنى قوله: ﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (٣٠)﴾؛ أي: إذا بلغت النفس الحلقوم رفعت وسيقت إلى الله؛ أي: إلى موضع أمر الله أن ترفع إليه.
٢٧ - وقوله: ﴿وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (٢٧)﴾ معطوف على ﴿بَلَغَتِ﴾؛ أي: وقال أهله: من يرقيه ليشفيه مما نزل به. قال قتادة: التمسوا له الأطباء، فلم يغنوا عنه من قضاء الله شيئًا. وقال أبو قلابة: ومنه قول الشاعر:
هَلْ لِلْفَتَى مِنْ بَنَاتِ الْمَوْتِ مِنْ وَاقِي أَمْ هَلْ لَهُ مِنْ حِمامٍ الْمَوْتِ مِنْ رَاقِي
ووقف حفص على ﴿مَن﴾ وقفة يسيرة من غير تنفس. قال بعضهم: لعل وجهه استثقال الراء المشددة التي بعدها قاف غليظة التلفظ في الإدغام، واستكراه القطع التام بين المبتدأ والخبر، وبين الاستفهام والمستفهم عنه في النفس، والفرار من الإظهار دون سكتة؛ لأنه يعد من اللحن عند اتصال النون الساكنة بالراء بين أهل القراءة.
أي: (١) وقال من حضر صاحبها: من يرقيه وينجيه مما هو فيه من الرقية؟ وهو التعويذ بما به يحصل الشفاء، كما يقال: بسم الله أرقيك. وفعله من باب
(١) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon