الجمهور (١): ﴿بِقَادِرٍ﴾ اسم فاعل مجرورًا بالباء الزائدة. وقرأ زبد بن علي ﴿يَقْدِرُ﴾ فعلًا مضارعًا. وقرأ طلبة بن سليمان والفيّاض بن غزوان ﴿على أن يحيي﴾ بسكون الياء تخفيفًا أو على إجراء الوصل مجرى الوقف. وقرأ الجمهور بفتحها، وهي حركة إعراب لا تنحذت إلا في الوقف، وقد جاء في الشعر حذفها، وجاء عن بعضهم ﴿يحيي﴾ بنقل حركة الياء إلى الحاء وإدغام الياء في الياء. قال ابن خالويه: لا يجيز أهل البصرة سيبويه وأصحابه إدغام ﴿يحيى﴾، قالوا لسكون الياء الثانية، ولا يعتدون بالفتحة في الياء؛ لأنها حركة إعراب غير لازمة.
والخلاصة: أي ليس الذي أنشأ هذا الخلق السويّ من هذه النطفة المذرة بقادر على أن يعيده كما بدأه، فذلك أهون من البدء في قياس العقل كما قال: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾.
وقد جاء من عدّة طرق: أنّ النبي - ﷺ - كان إذا قرأ هذه الآية قال: "سبحانك اللهم وبلى". وأخرج أحمد، وأبو داود، وابن مردويه، والحاكم وصحّحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: "من قرأ منكم ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١)﴾ وانتهى إلى آخرها ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (٨)﴾ فليقل: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين، ومن قرأ ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (١)﴾ فانتهى إلى ﴿أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾ فليقل: بلى، ومن قرأ المرسلات فبلغ ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾ فليقل: آمنا بالله".
الإعراب
﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (١) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (٢) أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (٣) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (٤) بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (٥) يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (٦)﴾.
﴿لَا﴾ زائدة زيدت لتأكيد معنى القسم، ﴿أُقْسِمُ﴾ فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر، تقديره: أنا يعود على الله سبحانه، ﴿بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ متعلق بـ ﴿أُقْسِمُ﴾، وجملة القسم مستأنفة استئنافًا نحويًا، لا محل لها من الإعراب. ﴿وَلَا أُقْسِمُ﴾ معطوف على الجملة السابقة، فهو نظيرها في الإعراب، وكرّر فعل القسم تنبيهًا على أن كلا من