وَالصَّرْفُ في الْجَمْعِ أَتَى كَثِيْرًا حَتَّى ادَّعَى قَوْمٌ بِهِ التَّخْيِيْرَا
والصرف ثابت في مصاحف المدينة، ومكة، والكوفة، والبصرة، وفي مصحف أبي وعبد الله، كذا ﴿قوارير﴾. وروى هشام عن ابن عامر ﴿سلاسل﴾ في الوصل، و ﴿سلاسلا﴾ بألف دون تنوين في الوقف. وروي: أن من العرب من يقول: رأيت عمرًا بالألف في الوقف.
﴿وَأَغْلَالًا﴾ بها يقيدون إهانة وتعذيبًا لا خوفًا من الفرار. جمع غل بالضم، وهو ما تطوق به الرقبة للتعذيب، وقد سبق في الحاقة مفصلًا. ﴿وَسَعِيرًا﴾؛ أي: نارًا مسعرة متقدة بها يحرقون.
وإنما (١) يجرون إلى جهنم بالسلاسل لعدم انقيادهم للحق، ويحقرون بأن يقيدوا بالأغلال لعدم تواضعهم لله، ويحرقون بالنار لعدم احتراقهم بنار الخوف من الله تعالى.
والمعنى: أي إنّا هيأنا لمن كفروا بنعمتنا، وخالفوا أمرنا سلاسل بها يقادون إلى الجحيم وأغلالًا بها تشد أيديهم إلى أعناقهم كما يفعل بالمجرمين في الدنيا، ونارًا بها يحرقون. ونحو الآية قوله تعالى: ﴿إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ﴾ ﴿فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (٧٢)﴾.
٥ - وبعد أن ذكر ما أعده للكافرين بين ما أعده للشاكرين من شراب شهي، ولباس بهيّ، فقال: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ﴾؛ أي: إن أهل البر والطاعة والإخلاص والصدق. جمع بر كرب وأرباب أو جمع بار كشاهد وأشهاد، وهو من يبر خالقه؛ أي: يطيعه. يقال: بررته أبره كعلمته وضربته. وعن الحسن رحمه الله: البر: من لا يؤذي الذر ولا يضمر الشر، كما قيل:
وَلَا تُؤْذِ نَمْلًا إنْ أَرَدْتَ كَمَالَكَا فإنَّ لَهَا نَفْسًا تَطِيْبُ كَمَالَكَا
وفي "المفردات": البر خلاف البحر، وتصور منه التوسع، فاشتق منه البر؛ أي: المتوسع من فعل الخير، وبر العبد ربه: توسع في طاعته، ويشمل الاعتقاد والأعمال الفرائض والنوافل. وفي "الصحاح" جمع البر: الأبرار، وجمع البار:
(١) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon