الخدمة. واللؤلؤ: الجوهر المعروف، يجمع على اللآلىء، يقال: تلألأ الشيء إذا لمع لمعان اللؤلؤ.
قال أهل المعاني (١): إنما شبهوا بالمنثور لانتشارهم في الخدمة، ولو كان صفًّا.. لشبهوا بالمنظوم. وقيل: إنما شبههم بالمنثور؛ لأنهم سراع في الخدمة، بخلاف الحور العين فإنه شبههن باللؤلؤ المكنون؛ لأنهن لا يمتهن بالخدمة. وقال بعضهم: منثورًا من صدفه. يعني: أنهم شبهوا باللؤلؤ ارطب إذا نثر من صدفه، وهو غير مثقوب لأنّه أحسن وأكثر ماء.
٢٠ - ولما ذكر نعيم أهل الجنة مما تقدم ذكر أن هناك أمورًا أعلى وأعظم من ذلك، فقال: ﴿إِذَا رَأَيْتَهُمْ﴾ أيها المخاطب ببصرك ﴿ثَمَّ﴾؛ أي: ما هنالك. يعني: الجنة. قال في "الإرشاد": ليس له مفعول ملفوظ ولا مقدر ولا معنوي. ومآل المعنى: أينما وقع بصرك في الجنة. ﴿رَأَيْتَ نَعِيمًا﴾ كثيرًا لا يوصف، وهو ما يتنعم به. ﴿وَمُلْكًا كَبِيرًا﴾؛ أي: عظيمًا واسعًا، لا يقادر قدره، كما في الحديث: "أدنى أهل الجنة منزلة ينظر في ملكه مسيرة ألف عام يرى أقصاه كما يرى أدناه". والآية من باب (٢) الترقّي والتعميم. يعني: أنّ هناك أمورًا أخر أعلى وأعظم من القدر المذكور. و ﴿ثَمَّ﴾ ظرف مكان بمعنى هنالك والعامل فيها ﴿رَأَيْتَ﴾. قال الفراء: في الكلام ﴿ما﴾ مضمرة؛ أي: وإذا رأيت ما ثمّ كقوله: ﴿لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ﴾؛ أي: ما بينكم. وهذا فاسد؛ لأنّه من حيث جعله معمولًا لـ ﴿رَأَيْتَ﴾ لا يكون صلةً لـ ﴿ما﴾، لأنّ العامل فيه إذ ذاك محذوف؛ أي: ما استقرّ ثمّ. وقال الزجاج معترضًا على الفرّاء: إنه لا يجوز إسقاط الموصول وترك الصلة، ولكن ﴿رَأَيْتَ﴾ يتعدى في المعنى إلى ﴿ثمّ﴾، والمعنى: إذا رأيت ببصرك ثمّ، ويعني: بـ ﴿ثمّ﴾ الجنة. قال السديّ: النعيم: ما يتنعّم به. والملك الكبير استئذان الملائكة عليهم، وكذا قال مقاتل والكلبي. وفي بعض التفاسير: الملك بالضمّ: هو التصرف في المأمورين بالأمر والنهي، ومنه: الملك. وأما الملك بالكسر فهو التصرف في الأعيان المملوكة بحسب المشيئة، ومنه: المالك. والأوّل جامع للثاني، الأنّ كل ملك مالك، ولا عكس اهـ.
(٢) روح البيان.