الإعراب
﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (١) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (٢) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (٣)﴾.
﴿هَلْ﴾ هنا بمعنى قد التحقيقية، فليست للاستفهام؛ لأنّ الاستفهام محال على الله تعالى. وقيل: للاستفهام التقريري، والجواب مقدّر، تقديره: نعم. ﴿أَتَى﴾ فعل ماض، ﴿عَلَى الْإِنْسَانِ﴾ متعلق به، ﴿حِينٌ﴾ فاعل، ﴿مِنَ الدَّهْرِ﴾ صفة لـ ﴿حِينٌ﴾، والجملة مستأنفة. ﴿لَمْ﴾ حرف نفي وجزم، ﴿يَكُنْ﴾ فعل مضارع ناقص، واسمها ضمير يعود على ﴿الْإِنْسَانِ﴾، ﴿شَيْئًا﴾ خبرها، ﴿مَذْكُورًا﴾ صفة ﴿شَيْئًا﴾، وجملة ﴿يَكُنْ﴾ في محل النصب حال من الإنسان، أي: حال كونه غير مذكور، أو في محل الرفع صفة لـ ﴿حِينٌ﴾ كقوله: ﴿يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ﴾. ﴿إِنَّا﴾ ناصب واسمه، ﴿خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ﴾ فعل وفاعل ومفعول، ﴿مِنْ نُطْفَةٍ﴾ متعلق بـ ﴿خَلَقْنَا﴾، ﴿أَمْشَاجٍ﴾ نعت لـ ﴿نُطْفَةٍ﴾، وجملة ﴿خَلَقْنَا﴾ في محل الرفع خبر ﴿إِنَّ﴾، وجملة ﴿إِنَّ﴾ مستأنفة مسوقة لبيان كيفية خلق الإنسان ﴿نَبْتَلِيهِ﴾ فعل مضارع وفاعل مستتر يعود على الله ومفعول به، والجملة في محل النصب حال من فاعل ﴿خَلَقْنَا﴾؛ أي: خلقناه حال كوننا مبتلين له، أو حال من ﴿الْإِنْسَانَ﴾، وصحّ ذلك لأنّ في الجملة ضميرين كلّ منهما يعود على صاحب الحال. ثم هذه الحال يجوز أن تكون مقارنةً إن كان المعنى: نبتليه بتصريفه في بطن أمّه نطفةً ثم علقةً، وأن تكون مقدرة إن كان المعنى ﴿نَبْتَلِيهِ﴾ نختبره بالتكليف؛ لأنه وقت خلقه غير مكلف. ﴿فَجَعَلْنَاهُ﴾ الفاء: عاطفة للترتيب مع التعقيب، ﴿جعلناه﴾ فعل وفاعل ومفعول أوّل، معطوف على ﴿خَلَقْنَا﴾، ﴿سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ مفعول به ثان وقد نزلت الكلمتان منزلة الكلمة الواحدة؛ لأنهما كناية عن التمييز والفهم، إذ آلتهما سبب لذلك، وهما أشرف الحواس تدرك بهما أعظم المدركات. ﴿إِنَّا﴾ ناصب واسمه، ﴿هَدَيْنَاهُ﴾ فعل وفاعل ومفعول به، والجملة في محل الرفع خبر ﴿إنّ﴾ وجملة ﴿إنّ﴾ مستأنفة مسوقة لتعليل الابتلاء، ﴿السَّبِيلَ﴾ مفعول به ثان لـ ﴿هدينا﴾، أو في محل نصب بنزع الخافض، والجار والمجرور متعلق بـ ﴿هدينا﴾. ﴿إِمَّا﴾ حرف تفصيل، ﴿شَاكِرًا﴾ حال من الهاء في ﴿هَدَيْنَاهُ﴾،


الصفحة التالية
Icon