أممهم. وذلك عند مجيء يوم القيامة وحضوره؛ إذ لا يتعين لهم قبل حصوله، فإن علم ذلك إلى الله تعالى. يعني: أن تبين وقت حضورهم لهم من جملة علامات القيامة من حيث إن ذلك التعيين والتبيين لم يكن حاصلًا في الدنيا لعدم حصول الوقت، فيقال لهم عند حصوله: أحضروا للشهادة فقد جاء وقتها. أو المعنى: وإذا الرسل بلغوا الميقات الذي ينتظرونه، وهو يوم القيامة، فإن التوقيت كما يجيء بمعنى تحديد الشيء وتعيين وقته فكذا يجيء بمعنى جعل الشيء منتهيًا إلى وقته المحدود، وعلى المعنى الأول لا يقع على الذوات بدون إضمار، فإن الموقت هو الأحداث لا الجثث، فلا يقال: زيد موقت إلا أن يراد موقت حضوره، وكذا توقيت الرسل إنما هو بالنسبة إلى حضورهم لا بالنسبة إلى ذواتهم؛ لأن الذوات قارة لا يعتبر فيها تعيين، بخلاف الزمانيات المتجددة، هكذا قالوا.
والمعنى (١): أي جعل لهم وقت للفصل والقضاء بنيهم وبين الأمم، كما في قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ﴾. وقيل: هذا في الدنيا؛ أي: جمعت الرسل لميقاتها الذي ضرب لها في إنزال العذاب بمن كذّبهم، والأوّل أولى. قال أبو علي الفارسي؛ أي: جعل يوم الفصل والدين لها وقتًا. وقيل: معنى ﴿أُقِّتَتْ﴾ أرسلت لأوقات معلومة على ما علم الله به.
وقرأ الجمهور (٢): ﴿أُقِّتَتْ﴾ بالهمز وشدّ القاف. وقرأ النخعيّ، والحسن، وعيسى، وخالد بتخفيف القاف والهمز. وقرأ أبو الأشهب، وعمرو بن عبيد، وعيسى أيضًا، وأبو عمرو بالواو وشدّ القاف، قال عيسى: وهي لغة سفلى مضر. وقرأ عبد الله، والحسن، وأبو جعفر بواو واحدة وتخفيف القاف. وقرأ الحسن أيضًا ﴿ووقتت﴾ بواوين على وزن فوعلت، والواو في هذا كله هي الأصل، والهمزة بدل عنها؛ لأنه من الوقت.
١٢ - وقوله: ﴿لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (١٢)﴾ مقول لقول مقدر تقديره؛ أي: ويقال يومئذٍ؛ لأيّ يوم أخرت الأمور المتعلقة بالرسل من تعذيب الكفار وإهانتهم وتنعيم المؤمنين ورعايتهم، وظهور ما كانت الرسل تذكره من أمور الآخرة وأحوالها وفظاعة أهوالها. والمراد بهذا تهويل أمر هذا اليوم وتعظيم شأنه، كأنه قيل؛ أي: يوم هذا
(٢) البحر المحيط.