البلاغة
وقد تضمنت هذه السورة الكريمة ضروبًا من البلاغة وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع.
فمنها: التأكيد بذكر المصادر زيادة في البيان وتقوية للكلام في قوله: ﴿فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا (٢) وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا (٣) فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا (٤)﴾. وهو من المحسنات اللفظية.
ومنها: الطباق بين ﴿عُذْرًا﴾ و ﴿نُذْرًا﴾ وبين ﴿أَحْيَاءً﴾ و ﴿وَأَمْوَاتًا﴾ وبين ﴿الْأَوَّلِينَ﴾ و ﴿الْآخِرِينَ﴾.
ومنها: وضع الظاهر موضع المضمر مع الإتيان بصيغة الاستفهام في قوله: ﴿لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (١٢) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (١٣) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ (١٤)﴾ لزيادة تفظيع الأمر وتهويله، وكان مقتضى السياق وما أدراك ما هو.
ومنها: تكرار آية ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٥)﴾ في عشر مواضع لزيادة الترهيب والتهديد؛ لأن التكرار في مقام الترغيب والترهيب مستساغ حسن، لا سيما إذا تغايرت الآيات السابقة على المرّات المكررة كما هنا.
ومنها: الاستفهام التقريري في قوله: ﴿أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦)﴾ وفي قوله: ﴿أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٢٠)﴾.
ومنها: الجناس الناقص بين لفظي ﴿مَهِينٍ﴾ و ﴿مَكِينٍ﴾.
ومنها: التنكير في قوله: ﴿رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ﴾ للتفخيم، أو للإشعار بأنّ ما يرى على ظهر الأرض من الجبال بعض منها، وإنّ في عداد الجبال ما لم يعرف ولم ير، فإن في السماء جبالًا أيضًا بدلالة قوله تعالى: ﴿وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ﴾.
ومنها: التنكير في قوله: ﴿مَاءً فُرَاتًا﴾ للتفخيم أو لإفادة التبعيض؛ لأنّ في السماء ماء فراتًا أيضًا، بل هي معدنه ومصبه.
ومنها: تقديم الجار والمجرور على متعلق في قوله: ﴿إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ لرعاية رؤوس الفواصل.
ومنها: الكناية في قوله: ﴿ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ﴾؛ لأنّه كناية عن كون ذلك الدخان عظيمًا بناءً على أن التشعب من لوازمه.


الصفحة التالية
Icon