التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿ن﴾؛ أي: هذه السورة (١) نون أو بحق ﴿ن﴾، وهي هذه السورة أقسم الله بها على سبيل التأكيد في إثبات الحكم الآتي على ما عليه عادة الخلق مع ما فيه من بيان شأن المقسم به، وإلا فكما أنه تعالى لا يليق القسم بشأنه العالي فكذا لا يصح لغيره أن يكون مقسمًا به.
واختلف في معنى النون. قيل: إنه اسم لهذه السورة، وقيل: إنه مقتطع فن اسمه تعالى الرحمن أو النصير أو الناصر أو النور، وقيل: اسم للحوت الذي جعل الله على ظهره الأرض، وقيل: المراد به الدواة التي يكتب بها، وقيل: اسم للقرآن. والأرجح كما مر غير مرة أنه من المتشابه الذي اختص الله بعلمه كسائر حروف الهجاء التي افتتح بها كثير من السور. وفي المراغي: إنَّ أرجح الآراء في معنى الحروف المقطعة التي وقعت في أوائل السور أنها حروف تنبيه، نحو: ألا وأما. وقرأ الجمهور أبو بكر، وورش، وابن عامر، والكسائي، وابن محيصن، وابن هبيرة بإدغام النون الثانية. من هجائها في واو ﴿وَالْقَلَمِ﴾ بغنّة، وقوم بغير غنّة. وقرأ الباقون (٢): حمزة، وأبو عمرو، وابن كثير، وقالون، وحفص بالإظهار. وقرأ ابن عباس، وابن أبي إسحاق، والحسن، وأبو السمال، ونصر بكسر النون لالتقاء الساكنين، أو بإضمار حرف قسم.
وقرأ سعيد بن جبير، وعيسى بخلاف عنه بفتحها، فاحتمل أن تكون حركة إعراب بإضمار فعل. وقرأ محمّد بن السميفع وهارون بضمّها على البناء.
والواو في قوله: ﴿وَالْقَلَمِ﴾ واو القسم، أقسم الله سبحانه بالقلم لما فيه من البيان، وهو واقع على كل قلم يكتب به. وقال جماعة من المفسرين: المراد به القلم الذي كتب به اللوح المحفوظ، أقسم الله به تعظيمًا له.
وفي "الخطيب": تنبيه: في القلم المقسم به قولان:
أحدهما: أنَّ المراد به جنس القلم الشامل للأقلام التي يكتب بها في الأرض والسماء. قال تعالى: ﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤)﴾، لأنه ينتفع به كما
(٢) البحر المحيط والشوكاني.