ومنها: الطباق بين الآخرة والأولى في قوله: ﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى (٢٥)﴾؛ لأن المراد كلمتاه الشنيعتان: الأولى والآخرة.
ومنها: الطباق بين ﴿الْجَنَّةَ﴾ و ﴿الْجَحِيمَ﴾، وبين ﴿السَّمَاءُ﴾ و ﴿وَالْأَرْضَ﴾.
ومنها: المجاز المرسل في قوله: ﴿أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (٣١)﴾؛ لأنه أطلق المرعى على ما يأكله الناس، فاستعمل المرعى في مطلق المأكول للإنسان وغيره، والعلاقة استعمال المقيد في المطلق، ويجوز أن يكون استعارة تصريحية؛ حيث شبه أكل الناس برعي الدواب، وإلى هذا جنح الزمخشري فقال: وأراد بمرعاها: ما يأكل الناس والأنعام، واستعير الشرعي للإنسان، كما استعير الرتع له في قوله تعالى: ﴿نرتع ونلعب﴾ في سورة يوسف بجامع أكل كل من الإنسان والحيوان من النبات.
ومنها: استعمال البناء في موضع السقف في قوله: ﴿السَّمَاءُ بَنَاهَا﴾ فإنَّ السماء سقف مرفوع، والبناء إنما يستعمل في أسافل البناء، لا في الأعالي؛ للإشارة إلى أنه وان كان سقفًا، لكنه في البعد عن الاختلال والانحلال كالبناء، فإنَّ البناء أبعد عن تطرق الاختلال إليه بالنسبة إلى السقف.
ومنها: التعبير عن النهار بالضحى، وهو ضوء الشمس أول النهار في قوله ﴿وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا﴾؛ أي: أبرز نهارها، لأنه أشرف أوقاته وأطيبها على طريقة تسمية المحل باسم أشرف ما حل فيه، فكان أحق بالذكر في مقام الامتنان، وهو السر في تأخير ذكره عن ذكر الليل.
ومنها: إضافة الليل والضحى إلى السماء لدوران حدوثهما على حركتها، والإضافة يكفيها أدنى ملابسة المضاف إليه، ويجوز أن تكون إضافة الضحى إليها بواسطة الشمس، أي: أبرز ضوء شمسها بتقدير المضاف، فيكون من مجاز الحذف، والتعبير عنه بالضحى؛ لأنه وقت قيام سلطانها، وكمال إشرافها.
ومنها: الاستعارة التصريحية في قوله: ﴿أَيَّانَ مُرْسَاهَا﴾، فقد استعار الإرساء للساعة، وهو لا يستعمل إلا فيما له ثقل من الأجرام كالسفينة.
ومنها: القصر في قوله: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (٤٥)﴾ فهو إما من قصر الموصوف على الصفة، فيكون المعنى: ما أنت إلا منذر لا يعلم وقتها، أو من قصر الصفة على الموصوف، فيكون المعنى: ما أنت منذر إلا من يخشاها.


الصفحة التالية
Icon