بأيدي ملائكة من نور، فإذا مات من في السموات ومن في الأرض.. تساقطت تلك الكواكب من أيديهم؛ لأنه مات من يمسكها.
٣ - ﴿وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (٣)﴾؛ أي: وإذا الجبال قلعت عن أماكنها، ورفعت عن وجه الأرض، وأبعدت عن أماكنها، وسيرت في الهواء كالسحاب بالرجفة الحاصلة حين زلزلت الأرض، فتقطع أوصالها، وتقذف في الفضاء، وذلك حين النفخة الثانية، ونحو الآية قوله: ﴿وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (٢٠)﴾ وقوله: ﴿وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً﴾.
٤ - ﴿وَإِذَا الْعِشَارُ﴾؛ أي: النوق الحوامل التي في بطونها أولادها، وهي أكرم الأموال لديهم وأعزها عندهم ﴿عُطِّلَتْ﴾؛ أي: أهملت ولم يعن بشأنها لاشتداد الخطب وفداحة الهول، و ﴿الْعِشَارُ﴾: جمع عشراء، كنفاس ونفساء، وليس فعلاء يجمع على فعال غير عشراء ونفساء، كما في "القاموس". والعشراء: هي الناقة التي أتى على حملها عشرة أشهر، ثم لا يزال ذلك اسمها إلى أن تضع لتمام السنة، وخص العشار؛ لأنها أنفس أموال العرب وأعزها عندهم، ومنها معظم أسباب معاشهم، ومعنى: ﴿عُطِّلَتْ﴾: تركت هملًا بلا راع، والعطل: فقدان الزينة والشغل، ويقال لمن يجعل العالم بزعمه فارغًا عن صانع أتقنه وزينه ورتبة: معطل، وعطل الدار عن ساكنيها، والإبل عن راعيها.
والمعنى (١): وإذا العشار تركت مسيبة مهملة غير منظور إليها مع كونها محبوبة مرغوبة عند أهلها؛ لاشتغال أهلها بأنفسهم، وذلك عند مجيء مقدمات قيام الساعة، فإن الناس حينئذٍ يتركون الأموال والأملاك، ويشتغلون بأنفسهم، كما قال تعالى: ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨)﴾، وقال الإِمام أبو الليث وغيره: هذا على وجه المثل، لأنه في القيامة لا تكون ناقة عشراء، يعني: إن هول القيامة بحال لو كان للرجل ناقة عشراء.. لعطلها، واشتغل بنفسه، لعلهم جعلوا يوم القيامة ما بعد النفخة الثانية، أو مبادي الساعة من القيامة، لكن يمكن وجود العشراء في المبادي، فلا يكون تمثيلًا، فيكون ذلك في الدنيا، وقيل: (٢) العشار: السحاب، فإن العرب تشبهها بالحامل، ومنه قوله تعالى؛ ﴿فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (٢)﴾ ومعنى تعطيلها: عدم

(١) روح البيان.
(٢) الشوكاني.


الصفحة التالية
Icon