الأوراق التي تكتب فيها في الدنيا، أم تشبه الألواح أو نحو ذلك مما جرى استعماله في الكتابة، فإن ذلك مما لا يصل إليه علمنا، ولم يجيء نص قاطع عن المعصوم - ﷺ - يفسر ذلك.
١١ - ﴿وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (١١)﴾؛ أي: قلعت (١) وأزيلت بحيث ظهر ما وراءها، وهو الجنة والعرش، كما يكشط الإهاب عن الذبيحة، والغطاء عن الشيء المستور به، والكشط: قلع عن شدة التزاق، والقشط بالقاف: لغة فيه، وهي قراءة ابن مسعود، قال الزجاج: قلعت كما يقلع السقف، وقال الفراء: نزعت فطويت.
والمعنى: أزيلت فلم يبق غطاء ولا سماء، ولم يوجد ما يطلق عليه اسم الأعلى والأسفل.
وقرأ عبد الله: ﴿قشطت﴾ بالقاف، وهما كثيرًا ما يتعاقبان، كقولهم: عربي قح وكح، وتقدمت قراءته ﴿قافورًا﴾؛ أي: كافورًا.
١٢ - ﴿وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (١٢)﴾، أي: أوقدت للكافرين إيقادًا شديدًا لتحرقهم إحراقًا أبديًا، سعرها غضب الله تعالى وخطايا بني آدم، فإسعار النار: زيادة التهابها لا حدوثها ابتداءً، وبه يندفع احتجاج من قال: النار غير مخلوقة الآن؛ لأنها تدل على أن تسعرها معلق بيوم القيامة، وذلك لأن فيه الزيادة والاشتداد.
وقرأ نافع وابن عامر وحفص وابن ذكوان (٢): ﴿سُعِّرَتْ﴾ بالتشديد؛ لأنها أوقدت مرة بعد مرة، وقرأ باقي السبعة وعلي بالتخفيف.
والمعنى: أي وإذا جهنم التي يعاقب فيها أهل الكفر والطغيان.. أوقدت إيقادًا شديدًا، فيكون ألم من يدخل فيها من أشد الآلام التي تحدث عن مس النيران للأجسام الحية، وقد جاء في سورة البقرة: ﴿وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾.
١٣ - ﴿وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (١٣)﴾ أي: قربت (٣) إلى المتقين، وأدنيت منهم ليدخلوها، كقوله تعالى: ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (٣١)﴾، وقال الحسن: إنهم يقربون منها، لا أنها تزول عن موضعها، فالمواد من التقريب التعكيس للمبالغة، كما في قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ﴾ حيث تعرض النار عليهم تحقيرًا وتحسيرًا
(٢) البحر المحيط.
(٣) روح البيان.