الرسول بأوصاف خمسة (١):
١ - ﴿كَرِيمٍ﴾؛ أي: عزيز على ربه عظيم عنده، إذ أعطاه أفضل العطايا، وهي الهداية والإرشاد، وأمره أن يوصلها إلى أنبيائه ليبلغوها لعباده، وكذا كريم عند الناس؛ لأنه يجيء إليهم بواسطة الرسول بأفضل العطايا، وهو المعرفة والهداية، ويتعطف على المؤمنين ويقهر الأعداء.
٢ - ٢٠ ﴿ذِي قُوَّةٍ﴾ قوية في الحفظ والبعد عن النسيان والخطأ، وقد جاء في آية أخرى: ﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (٥)﴾؛ أي: ذي (٢) قدرة شديدة على ما يكلف به، لا عجز ولا ضعف، روي أنه - ﷺ - قال لجبريل: "ذكر الله سبحانه قوتك، فأخبرني بشيء من آثارها" قال: رفعت قريات قوم لوط الأربع من الماء الأسود بقوادم جناحي، حتى سمع أهل السماء نباح الكلب، وأصوات الديكة، ثم قلبتها. ومن قوته: أنه صاح صيحةً واحدةً بثمود فأصبحوا جاثمين، وأنه يهبط من السماء إلى الأرض ويصعد في أسرع من الطرف، وأنه رأى شيطانًا يقال له: الأبيض صاحب الأنبياء، قصد أن يتعرض للنبي - ﷺ -، فدفعه دفعة رفيقة وقع بها من مكة إلى أقصى الهند. وقيل: المراد بالقوة: القوة في أداء طاعة الله، وترك الإخلال بها من أول الخلق إلى آخر زمان التكليف.
٣ - ﴿عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ﴾ وخالقه ومالكه، والظرف متعلق بقوله: ﴿مَكِينٍ﴾؛ أي: ذي مكانة رفيعة، ومنزلة عظيمة، وجاه عظيم عند مالك العرش وخالقه، فالعندية عندية إكرام وتشريف، لا عندية مكان وجهة، فإنه تعالى منزه عن أماثلها، ونظيره قوله: "أنا عند المنكسرة قلوبهم" فإن المراد به: القرب والإكرام، ومن مكانته عند الله تعالى ومرتبته أنه جعله تالي نفسه في قوله: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾ فله عظيم منزلة عندية، فأين منزلة من يلازم السلطان عند سرير الملك من مرتبة من يلازمه عند الوضوء ونحوه.
٤ - ٢١ ﴿مُطَاعٍ﴾ فيما بين الملائكة المقربين، يصدرون عن أمره، ويرجعون إلى رأيه لعلمهم بمنزلته عند الله تعالى، قال: في "فتح الرحمن": ومن طاعتهم له أنهم

(١) المراغي.
(٢) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon