يملكنا ولا نملكه، ويتحكم فينا، ولا نستطيع التحكم فيه.
والمعنى: أي وجعلنا نومكم في الليل قطعًا للمتاعب التي تكابدونها في النهار سعيًا في تحصيل أمور المعاش، فالمشاهد أن في نوم بعض ساعات الليل راحة للقوى من تعبها، ونشاطًا لها من كسلها، وإعادة لما فقد منها، ولولا ذلك لنفدت القوى وانقطع المرء عن العمل في شؤون الحياة المختلفة.
٥ - ١٠ ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ﴾ الذي يقع فيه النوم ﴿لِبَاسًا﴾ يستركم بظلامه كما يستركم اللباس؛ أي: وجعلنا الليل بظلامه ساترًا للأجسام، ومغطيًا لها كاللباس الذي يغطي الجسم ويستره، ووجه المنة في ذلك: أن ظلمته تستر الإنسان عن العيوب إذا أراد هربًا من عدو، أو إخفاء لما لا يحب أن يطلع عليه غيره، ولله در المتنبي:
وَكَمْ لِظَلَامِ اللَّيْلِ عِنْدَكَ مِنْ يَدٍ | تُخَبِّرُ أَنَّ الْمَانَوِيَّةً تَكْذِبُ |
اللَّيْلُ لِلْعَاشِقِيْنَ سِتْرٌ | يَا لَيْتَ أَوْقَاتَهُ تَدُوْمُ |
٦ - ١١ ﴿وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (١١)﴾؛ أي: جعلناه وقتًا لتحصيل أسباب المعاش؛ لأن الناس يتقلبون فيه في حوائجهم ومكاسبهم.
والمعنى: أن الله سبحانه جعل لكم النهار مضيئًا لتسعوا فيما يقوم به معاشكم، وما قسمه الله لكم من الرزق، والله سبحانه جعل النهار مشرقًا نيرًا مضيئًا، تبعث منه الحياة وتدب فيه أصولها؛ ليتمكن الناس من التصرف فيه، والذهاب للمعاش، والتكسب والتجارات والصناعات والزراعة وغيرها، فللَّه الفضل والمنّة، فلو جعل علينا الليل سرمدًا إلى يوم القيامة، فمن يأتينا بنهار غيره عزّ