منفي؛ لأن ﴿أَلَا﴾ التنبيهية إذا حذفت لا يختل المعنى نحو قوله تعالى: ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٢)﴾، وإذا حذفت ﴿أَلَا﴾ هذه اختل المعنى، بل الهمزة الاستفهامية الإنكارية دخلت هنا على لا النافية.
وجوز أن تكون للعرض والتخصيص على الظن، واليوم العظيم: هو يوم القيامة، ووصفه بالعظيم لكونه زمانًا لتلك الأمور العظام من البعث والحساب والعقاب، ودخول أهل الجنة الجنة، ودخول أهل النار النار. والمعنى: أي (١): إن تطفيف الكيل والميزان، واختلاس أموال الناس بهذه الوسيلة لا يصدر إلا عن شخص لا يظن أنه سيبعث يوم القيامة، ويحاسب على عمله؛ إذ لو ظن ذلك لما طفف الكيل، ولا بخس الميزان.
والخلاصة: أنه لا يَجْسُر على فعل هذه القبائح من كان يظن بوجود يوم يحاسب الله فيه عباده على أعمالهم، فما بالك بمن يستيقن ذلك.
٦ - ثم وصف سبحانه هذا اليوم فقال: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٦)﴾ بتقدير المضاف؛ أي: لمجرد أمره وحكمه بذلك، لا لشيء آخر، أو لمحاسبة رب العالمين ومجازاته، فيظهر هناك تطفيفهم ومجازاتهم، أو يقومون من قبورهم؛ ليرد ربّ العالمين أرواحهم إلى أجسادهم.
وانتصاب (٢) الظرف بـ ﴿مَبْعُوثُونَ﴾ المذكور قبله، أو بفعل مقدر يدل عليه ﴿مَبْعُوثُونَ﴾؛ أي: يبعثون يوم يقوم الناس، أو على البدل من محل ﴿لِيَوْمٍ﴾، وإنما بني على الفتح في هذين الوجهين لإضافته إلى الفعل، وفي تخصيص (٣) ﴿رب العالمين﴾ من بين سائر الصفات إشعار بالمالكية والتربية، فلا يمنع عليه الظالم القوي لكونه مملوكًا مسخرًا في قبضة قدرته، ولا يترك حق المظلوم الضعيف؛ لأن مقتضى التربية أن لا يضيع لأحد شيئًا من الحقوق، وفي هذه التشديدات إشارة إلى أن التطفيف، وإن كان يتعلق بشيء حقير، لكنه ذنب كبير، قيل: كل من نقص حق الله من زكاة وصلاة وصوم، فهو داخل تحت هذا الوعيد، وقيل: المراد بقوله: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ﴾: قيامهم في رشحهم إلى أنصاف آذانهم، وقيل: المراد: قيامهم بما

(١) المراغي.
(٢) الشوكاني.
(٣) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon