حسابها وحساب غيرها من القرى، فلكل فاجر من الفجار صحيفة، وهذه الصحائف في السجل العظيم المسمى بسجين.
١٠ - وقوله: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٠)﴾ كلام متصل بقوله: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٦)﴾، وما بينهما اعتراض، والمعنى: ويل عظيم، وهلاك شديد يوم إذ يقوم الناس لرب العالمين، وقال بعضهم: أي يوم إذ أعطى ذلك الكتاب واقع لمن وقع منه التكذيب بالبعث، وبما جاءت به الرسل.
١١ - ثم بيَّن سبحانه هؤلاء المكذبين، فقال: ﴿الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (١١)﴾ صفة ذم لـ ﴿المكذبين﴾، أو بدل منه كقولك: فعل ذلك فلان الفاسق، الفاسق الخبيث؛ لأن تكذيبهم بيوم الدين علم من قوله: ﴿أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ﴾ إلخ.
والمعنى: أي شدة عذاب لمن يكذب بيوم الجزاء، سواء كان بجحد أخباره، أو بعدم المبالاة بما يكون فيه من عقاب وعذاب، وأعظم دليل على عدم المبالاة هو الإصرار على الجرائم، والمداومة على اقتراف السيئات.
١٢ - ثم بيَّن أوصاف من يكذب بهذا اليوم فقال: ﴿وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ﴾؛ أي: بيوم الدين والجزاء ﴿إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ﴾؛ أي: متجاوز عن حدود النظر والاعتبار؛ قال في "التقليد": حتى استقصر قدرة الله على الإعادة مع مشاهدته للبدء، كالوليد بن المغيرة، والنضر بن الحارث وأضرابهما. ﴿أَثِيمٍ﴾؛ أي: كثير الإثم، منهمك في الشهوات الناقصة الفانية، بحيث شغلته عما وراءها من اللذات التامة الباقية، وحملته على إنكارها، فالاعتداء دل على إهمال القوة النظرية التي كمالها أن يعرف الإنسان وحدة الصانع، واتصافه بصفات الكمال مثل العلم والإرادة والقدرة ونحوها، والإثم دل على إهمال القوة العملية التي كمالها أن يعرف الإنسان الخير لأجل العلم به
والمعنى (١): أي وما يكذب بهذا اليوم إلا من اعتدى على الحق، وعمي عن الإنصاف، واعتاد ارتكاب الجرائم؛ إذ يصعب عليه الإذعان بأخبار الآخرة؛ لأنه يأبى النظر في أدلتها، وتدبر البينات المرشدة إلى صدقها إلا أنه يعلل نفسه بالإنكار، ويهون عليها الأمر بالتغافل.