سكتة عليها خفيفة بدون القطع، ويبتدىء ﴿رَانَ﴾، وقرأ الباقون: بإدغام اللام في الراء، ومنهم حمزة والكسائي وخلف وأبو بكر عن عاصم يميلون فتحة الراء، قال بعض المفسرين (١): هرب حفص من اجتماع ثقل الراء المفخمة والإدغام. انتهى.
ويرد عليه: ﴿قُل رَبِّ﴾ فإنه لا سكتة فيه، بل هو بإدغام أحد المتقاربين في الآخر، فالوجه: أنه إنما سكت حفص على لام ﴿بَلْ رَانَ﴾، وكذا على نون ﴿مَنْ رَاقِ﴾ خوف اشتباهه تثنية: البر، ومبالغة: مارق؛ حيث يصير: بران، ومراق، وقال الزمخشري: وقرىء بإدغام اللام في الراء، وبالإظهار والإدغام أجود، وأميلت الألف، وفخمت الراء. انتهى.
قال أبو عبيدة (٢): ران على قلوبهم - غلب عليها -: رينًا وريونًا، وكل ما غلبك وعلاك فقد ران بك وران عليك. قال الفراء: إنه كثرت منهم المعاصي والذنوب، فأحاطت بقلوبهم، فذلك الرين عليها. قال الحسن: الرين: الذنب على الذنب، حتى يعمي القلب. وقال أبو معاذ النحوي: الرين: أن يسود القلب من الذنوب، والطبع: أن يطبع على القلب، وهو أشد من الرين. والإقفال: أشد من الطبع. قال الزجاج: الرين: هو كالصدأ يغشى القلب كالغيم الرقيق، ومثله الغين، و ﴿ما﴾ في قوله: ﴿مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ موصولة، والعائد محذوف، ومحلها الرفع على الفاعلية.
والمعنى (٣): ليس في آياتنا ما يصح أن يقال في شأنها هذه المقالات الباطلة، بل ركب قلوبهم وغلب عليهم ما كانوا يكسبون من الكفر والمعاصي حتى صارت كالصدأ في المرآة، فحال ذلك بينهم وبين معرفة الحق، كما قال - ﷺ -: "إن العبد كلما أذنب ذنبًا.. حصل في قلبه نكتة سوداء، حتى يسود قلبه".
والخلاصة (٤): أي ليس الأمر كما يقولون من أنه أساطير الأولين، بل الذي جرأهم على ذلك هو أفعالهم التي دربوا عليها واعتادوها، فصارت سببًا لحصول الرين على قلوبهم، فالتبست عليهم الأمور، ولم يدركوا الفرق بين الكذب الفاضح،
(٢) الشوكاني.
(٣) روح البيان.
(٤) المراغي.