يقال: كتاب عصاة المؤمنين يعطى عند خروجهم من النار، وقيل: يجوز أن يعطوا من الشمال لا من وراء ظهورهم، وفيه أن الإعطاء من الشمال ومن وراء الظهر أمر واحد. وقيل: لم تتعرض الآية للعصاة الذين يدخلهم الله النار، وهو الظاهر، وقوله - ﷺ - في بعض صلاته: "اللهم حاسبني حسابًا يسيرًا"، وإن دل على أن للأنبياء كتابًا، لكن الظاهر إرشاد الأمة وتعليمهم، وإلا فهم معصومون داخلون الجنة بلا حساب ولا كتاب.
٩ - ﴿وَيَنْقَلِبُ﴾؛ أي: يرجع المحاسب حسابًا يسيرًا بعد حسابه؛ أي: ينصرف ويرجع من مقام الحساب اليسير ﴿إِلَى أَهْلِهِ﴾ الذين هم في الجنة من عشيرته المؤمنين، أو إلى أهله الذين كانوا له في الدنيا من الزوجات والأولاد، أو إلى من أعده الله له في الجنة من الحور العين والولدان المخلدين، أو إلى جميع هؤلاء، أو إلى أهله الذين هم رفقاؤه في طريق السعادة والكرامة حال كونه ﴿مَسْرُورًا﴾؛ أي: مبتهجًا بحاله، وكونه من أهل النجاة مستبشرًا بما أوتي من الخير والكرامة، قائلًا: ﴿هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ﴾. قال صاحب "الروح": فهذا الانقلاب يكون في المحشر قبل دخول الجنة، لا كما قال في "عين المعاني" من أنه يدل على أن أهله يدخلون الجنة قبله. انتهى. ودعوة الناس إلى قراءة الكتاب علامة الفرح والنشاط وقوة العزيمة.
وحاصل المعنى (١): أي فأما من عرض عليه سجل أعماله، وتناوله بيمينه، فإنه يحاسب يسير الحساب؛ إذ تعرض عليه أعماله، فيعرف بطاعته وبمعاصيه، ثم يثاب على ما كان منها طاعة، ويتجاوز له عما كان منها معصية، وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: "اللهم حاسبني حسابًا يسيرًا" قلت: وما الحساب اليسير؟ قال: "ينظر في كتابه، ويتجاوز عن سيئاته، فأما من نوقش.. فقد هلك".
ومن حوسب هذا الحساب اليسير.. يرجع إلى أهله المؤمنين مسرورًا مبتهجًا قائلًا: ﴿هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ﴾.