البروج: ﴿فِي تَكْذِيبٍ﴾ لمراعاة فواصل الآي في السورتين، مع صحة اللفظ وجودة المعنى.
وقرأ الجمهور (١): ﴿يُكَذبوُنَ﴾ مشددًا، والضحاك وابن أبي عبلة مخففًا، وبفتح الياء.
ومعنى: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (٢٢)﴾؛ أي: إن (٢) الدلائل الموجبة للإيمان جلية واضحة، لكنهم قوم معاندون مصرون على التكذيب؛ إما لأنهم يحسدون الرسول - ﷺ -. على ما أتاه الله من فضله، وإما لخوفهم من فوت المناصب الدينية والرياسات التقليدية، وإما لأنهم يأبون أن يخالفوا ما وجدوا عليه آباءهم من عقائد زائفة وأفعال مستهجنة.
٢٣ - ﴿وَاللَّهُ﴾ سبحانه وتعالى ﴿أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ﴾؛ أي: بما يضمرونه في قلوبهم، ويجمعونه في صدورهم من الكفر والحسد والبغي والبغضاء، فيجازيهم على ذلك في الدنيا والآخرة، فـ ﴿ما﴾ موصولة، يقال: أوعيت الشيء: إذا جعلته في وعاء؛ أي: ظرف، ثم استعير هو والوعي لمعنى الحفظ، أو بما يجمعونه في صحفهم من أعمال السوء، ويدخرونه لأنفسهم من أنواع العذاب علمًا فعليًا تفصيليًا.
وقرأ أبو رجاء: ﴿بما يعون﴾ من وعى يعي.
والمعنى (٣): أي واللهُ سبحانه مطلع على ما في قلوبهم من أسباب الإصرار على الشرك، ودواعي العناد، والاستمرار على ما هم عليه.
٢٤ - ﴿فَبَشِّرْهُمْ﴾؛ أي: فبشر يا محمد الذين كفروا ﴿بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾؛ أي: مؤلم غاية الإيلام جزاء استمرارهم على التكذيب والجحود، وإصرارهم على سيء العمل، وفاسد الاعتقاد، لأن علمه تعالى بذلك على الوجه المذكور، موجب لتعذيبهم حتمًا، وهو استهزاء بهم وتهكم، كما قال تعالى: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾؛ لأن البشارة هي الإخبار بالخبر السار، وقد استعملت هنا في الخبر المؤلم.
٢٥ - وقوله: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ إيمانًا صادقًا استثناء منقطع من الضمير المنصوب في قوله: ﴿فَبَشِّرْهُمْ﴾ الراجع إلى ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾، والمستثنى - وهم المؤمنون -
(٢) المراغي.
(٣) المراغي.