ومنها: التعبير بلفظ المضارع في قوله: ﴿إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا﴾ مع أن الإيمان قد وجد منهم في الماضي لإرادة الاستمرار والدوام عليه، فإنهم ما عذبوهم لإيمانهم في الماضي، بل لدوامهم عليه في الآتي، ولو كفروا في المستقبل لم يعذبوا على ما مضى، فكأنه قيل: إلا أن يستمروا على إيمانهم.
ومنها: وصفه تعالى بكونه عزيزًا حميدًا، له ملك السموات والأرض في قوله: ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٨) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٩)﴾ للإشعار بمناط إيمانهم وموجبه.
ومنها: تأخير صفة الملك عن ﴿الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾؛ لإفادة أن الملك التام لا يحصل إلا عند حصول الكمال في القدرة التي دل عليها ﴿الْعَزِيزِ﴾، وفي العلم الذي دل عليه ﴿الْحَمِيدِ﴾؛ لأن من لم يكن تام القدرة والعلم.. لا يمكنه أن يفعل الأفعال الحميدة.
ومنها: إيراد ﴿ثُمَّ﴾ في قوله: ﴿ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا﴾ إشعارًا بكمال حلمه وكرمه؛ حيث لم يعجل في القهر ويقبل التوبة، وإن طالت مدة الحوبة.
ومنها: الطباق بين ﴿يُبْدِئُ وَيُعِيدُ﴾.
ومنها: المقابلة بين مصير المجرمين ومصير المؤمنين في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ الآية، وقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي﴾.
ومنها: تأخير ﴿ثَمُودَ﴾ عن ﴿فِرْعَوْنَ﴾ مع تقدمهم على فرعون زمانًا في قوله: ﴿فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (١٨)﴾ لرعاية الفواصل.
ومنها: تنكير التكذيب في قوله: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (١٩)﴾؛ لإفادة التعظيم، كأنه قيل: ليسوا مثلهم في ذلك، بل هم أشد منهم في الكفر والطغيان والتكذيب.
ومنها: المجاز المرسل أيضًا في قوله: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (١٩)﴾ علاقته الحالية؛ لأن التكذيب معنى من المعاني، ولا يحل الإنسان فيه، إنما يحل في مكانه، فاستعمال التكذيب في مكانه مجاز أطلق فيه الحال وأريد المحل، فعلاقته الحالية.


الصفحة التالية
Icon