فالذي خلقه على هذه الأعضاء قادر أن يعيده إلى الحياة في يوم تنكشف فيه المستورات، وتبين الخفايا، فيكون إبداؤها زينًا في وجوه بعض الناس، وشينًا في وجوه بعض آخرين، وليس للمرء حينئذٍ قوة يدفع بها عن نفسه ما يحل به من العذاب، ولا ناصر يعينه على الخلاص من الآلام.
قوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ...﴾ إلى آخر السورة، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما بين قدرته على إعادة الإنسان بعد الموت، ولفت النظر إلى التدبر إلى برهان هذه القدرة.. شرع يثبت صحة رسالة رسوله الكريم إلى الناس، وصحة ما يأتيهم به من عند الله، وأهم ذلك القرآن الكريم الذي كانوا يقولون عنه إنه أساطير الأولين، فأقسم بالسماء التي تفيض بمائها، والأرض التي تقيم أمور المعاش للناس والحيوان بنباتها، إنه لقول حق لا ريب فيه، ثم بين أنه عليم بأن الذين يدافعون عن تلك الأباطيل التي هم عليها قوم ماكرون لا يريدون بك إلا سوءًا، وسيأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون، فلا يحزنك ما ترى منهم، ولا تستبطىء حلول النكال بهم، بل أمهلهم قليلًا وسترى ما سيحل بهم، ولا يخفى ما في هذا من وعيد شديد بأن ما سيصيبهم قريب، سواء كان في الحياة الدنيا، أو فيما بعد الموت، ووعد للنبي - ﷺ -، ولكل داعٍ إلى الحق بأنهم سيبلغون من النجاح ما يستحقه عملهم، وأن المناوئين لهم هم الخاسرون.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ...﴾ الآيات، سبب نزول هذه الآيات (١): ما أخرجه ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: نزلت في أبي الأشد، كان يقوم على أديم فيقول: يا معشر قريش، من أزالني عنه فله كذا، ويقول: إن محمدًا يزعم أن خزنة جهنم تسعة عشر، فأنا أكفيكم وحدي عشرة، واكفوني أنتم تسعة، فأنزل الله سبحانه هذه السورة.