زحل، وقيل: الثريا، وقيل: هو الذي ترمى به الشياطين، وقيل: هو جنس النجم، قال في "الصحاح": والطارق: النجم الذي يقال له: كوكب الصبح،
٢ - ثم بين سبحانه ما هو الطارق تفخيمًا لشأنه بعد تعظيمه بالإقسام به، فقال: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (٢)﴾؛ أي: (١) أيُّ شيء أعلمك يا محمد بالطارق، فإنه لا يناله إدراك الخلق إلا بالتلقي من الخلاق العليم، كأنه قيل: ما هو؟ فقيل: هو ﴿النَّجْمُ الثَّاقِبُ (٣)﴾؛ أي: الكوكب المضيء، تقول العرب: وما أدراك ما كذا؟ أي: وأي شيء يعلمك حقيقته وهو أسلوب من كلامهم، يراد به التفخيم والتعظيم، كأنه في فخامة أمره لا يمكن الإحاطة به ولا إدراكه.
قال سفيان: كل ما في القرآن: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ﴾ فقد أخبره، وكل شيء قال فيه: ﴿وَمَا يُدْرِيكَ﴾ لم يخبره.
٣ - ثم فسر هذا الطارق بقوله: ﴿النَّجْمُ الثَّاقِبُ (٣)﴾، وارتفاعه على أنه خبر مبتدأ محذوف، والجملة مستأنفة واقعة في جواب سؤال مقدَّر، كأنه قيل: ما هو؟ فقيل: هو النجم الثاقب، كما مر آنفًا، ولم يقل: والنجم الثاقب مع أنه أخصر وأظهر، فعدل عنه تفخيمًا لشأنه، فأقسم أولًا بما يشترك فيه هو وغيره وهو الطارق، ثم سأل عنه بالاستفهام تفخيمًا لشأنه ثانيًا، ثم فسره بالنجم إزالة لذلك الإبهام الحاصل بالاستفهام.
والمعنى (٢): أي لا أقسم بكل طارق من الكواكب، بل أقسم بطارق معين هو النجم الثاقب؛ أي: الذي يثقب الظلام، ويهتدى به في ظلمات البر والبحر، ويوقف به على أوقات الأمطار وغيرها من أحوال يحتاج إليها الإنسان في معاشه؛ وهو الثريا عند جمهرة العلماء؛ لأن العرب تسميه النجم ويسمى كوكب الصبح، ويرى الحسن أن المراد كل كوكب؛ لأن له ضوءًا ثاقبًا لا محالة؛ أي: في نفسه، وإن حصل التفاوت بالنسبة، أو المعهود بالثقب، فهو من باب ركب السلطان، وهو زحل الذي في السماء السابعة لا يسكنها غيره؛ لأنه يثقب بنوره سمك سبع سموات؛ لأنه إذا أخذت النجوم أمكنتها من السماء.. هبط زحل من السابعة، فكان معها في سمائها، ثم يرجع إلى مكانه من السابعة، فهو طارق حين ينزل وحين يصعد.
(٢) المراغي.