﴿السَّرَائِرُ﴾ جمع: سريرة بمعنى: السر، وهي التي تكتم وتخفى، والهمزة في السرائر مبدلة من ياء فعيلة؛ لوقوعها حرف مد زائدًا ثالثًا في اسم مفرد مؤنث، وفي "المختار": السر الذي يكتم، وجمعه: أسرار، والسريرة مثله، والجمع: سرائر، والسرائر: كل ما أسر في القلوب من العقائد والنيات، وما أخفي من الأعمال، وبلاؤها: تعرفها وتصفحها، والتمييز بين ما طاب منها وما خبث، وعن الحسن: أنه سمع رجلًا ينشد:

سَيَبْقَى لَهَا فِيْ مُضْمَرِ الْقَلْبِ وَالْحَشَا سَرِيْرَةُ وِدٍّ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ
فقال: ما أغفله عما في السماء والطارق.
﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (١١)﴾ الرجع: المطر؛ لأنه يعود كل حين، كما مر بسط البحث فيه، فالسحاب تحمل الماء من الأمطار، ثم ترجعه إلى الأرض، فالرجع في أصله: إعادة الشيء إلى حال أو مكان فيه أولًا، والمرة منه: الرجعة، كرجعة المرأة إلى النكاح.
﴿ذَاتِ الصَّدْعِ﴾ والصدع: الشق، لأن النبات يصدع الأرض؛ أي: يشقها عند الخروج، فالصدع: الشق الناشىء عن تفرق بعض أجزاء الأرض، وانفصال بعضها من بعض بالنبات.
﴿يَكِيدُونَ﴾ أصله: يكيدون بوزن: يفعلون، وأصل ﴿أكيد﴾ أكيد بوزن أفعل، نقلت حركة الياء في الموضعين إلى الكاف، فسكنت إثر كسرة، فصارت حرف مد.
﴿لَقَوْلٌ فَصْلٌ﴾ والفصل: الحكم الذي ينفصل به الحق من الباطل، ومنه: فصل الخصومات، وهو قطعها بالحكم الجازم، ويقال: هذا قول فصل؛ أي: قاطع للشر والنزاع. اهـ "قرطبي".
﴿وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (١٤)﴾؛ أي: وما القرآن بالهزل، بل هو جد كله، فيجب أن يكون مهيبًا في الصدور، معظمًا في القلوب، يترفع به قارئه وسامعه عن أن يلم بهزل، أو يتفكه بمزاح، وأن يلقي ذهنه إلى أن جبار السموات والأرض يخاطبه، فيأمره وينهاه، ويعده ويوعده، حتى إن لم يستفزه الفزع والخوف، ولم تتبالغ فيه الخشية، فأدنى أمره أن يكون جادًا غير هازل، فقد نفى الله تعالى عن المشركين ذلك في قوله: ﴿وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (٦٠) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (٦١)﴾. اهـ "خطيب".


الصفحة التالية
Icon