الدليل يحمل على ما يصدق عليه معنى الفعلين؛ إما على البدل، أو الشمول.
والمعنى (١): أي والذي قدر كل واحد من الكائنات على ما يستحقه، ويكون به استقرار شأنه، فقدر السموات وما فيها من الكواكب، وقدر الأرض وما فيها من المعادن، وما يظهر على وجهها من النبات، وما يعيش عليها من الحيوان، ثم هدى كل دابة إلى استعمال ما يصلحها، وما هو أمس بحاجتها بما خلق فيها من الميول والإلهامات لتحصيل ما لها من مقاصد وغايات.
والخلاصة (٢): قدر أجناس الأشياء وأنواعها وصفاتها وأفعالها وأقوالها وآجالها، فهدى كل واح منها إلى ما يصدر عنه، وينبغي له، ويسره لما خلق له، وألهمه إلى أمور دينه ودنياه.
٣ - ٤ ﴿وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (٤)﴾ معطوف على الموصول الأول أيضًا؛ أي: أنبت بكمال قدرته ما ترعاه الدواب غضًا طريًا من بين أخضر وأصفر، وأحمر وأبيض، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: المرعى: الكلأ الأخضر.
٥ - ﴿فَجَعَلَهُ﴾؛ أي (٣): فجعل ذلك المرعى والعشب بعد أن كان أخضر غضًا طريًا ﴿غُثَاءً﴾: مفعول ثان لجعل؛ أي: هشيمًا جافًا كالغثاء والقمام الذي يحمله السيل ويكون فوقه ﴿أَحْوَى﴾ صفة لـ ﴿غُثَاءً﴾؛ أي: أسود بعد اخضراره؛ لأن الغثاء إذا قدم وأصابته الأمطار اسود وتعفن، فصار أحوى. وفي "الصحاح": الرعي - بالكسر -: الكلأ، وبالفتح: المصدر، والمرعى: الرعي؛ أي: الكلأ، أو المصدر؛ أي: الرعي بالفتح. اهـ.
والغثاء: الدرين - وهو كأمير -: يبيس كل حطام حمض أو شجر أو بقل، قال الجوهري: الغثاء - بالضم والمد -: ما يحمل السيل من القماش، والقمش: جمع الشيء من هاهنا وهاهنا، وذلك الشيء قماش ما على وجه الأرض من فتات الأشياء حتى يقال لرذالة الناس: قماش، والأحوى: مأخوذ من الحوة، وهي سواد يضرب إلى الخضرة، وفي "الصحاح": الحوة: حمرة الشفة، وذلك أن الكلأ إذا جف ويبس اسودَّ، سواء كان جفافه واسوداده بتأثير حرارة الشمس أو برودة الهواء،
(٢) الشوكاني.
(٣) روح البيان.