﴿فَصَلَّى﴾ أصله: صلي بوزن: فعل، قلبت الياء ألفًا لتحركها بعد فتح، ومعنى: صلَّى خشع وخضعت نفسه لأوامر بارئه. ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ﴾؛ أي: تفضلون.
﴿وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٧)﴾ أصله: أبقي، تحركت الياء، وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفًا. ﴿لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى﴾ والصحف: جمع صحيفة، ككتيبة وكتائب، وقذيفة وقذائف.
البلاغة
وقد تضمنت هذه السورة الكريمة ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: حذف المفاعيل ليفيد العموم في قوله: ﴿خَلَقَ فَسَوَّى﴾، وقوله: ﴿قَدَّرَ فَهَدَى﴾، أي: خلق كل شيء فسواه، وقدر كل شيء فهداه.
ومنها: الإتيان بسين الاستقبال في قوله: ﴿سَنُقْرِئُكَ﴾ لتأكيد الكلام.
ومنها: الطباق في قوله: ﴿إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى﴾، وفي قوله: ﴿ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (١٣)﴾.
ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: ﴿وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (٨)﴾.
ومنها: الإتيان فيه بنون العظمة لتكون عظمة المعطي دليلًا على عظمة العطاء.
ومنها: جناس الاشتقاق بين ﴿ذَكِّرْ﴾، و ﴿الذِّكْرَى﴾.
ومنها: المقابلة بين ﴿سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (١٠)﴾، وبين ﴿وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (١١)﴾.
ومنها: الالتفات من الغيبة في قوله: ﴿وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (١١)﴾ إلى الخطاب في قوله: ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦)﴾ لتشديد التوبيخ في حق الكفرة وتشديد العتاب في حق المسلمين.
ومنها: جمع المؤكدات في قوله: ﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (١٨)﴾ مبالغة في رد إنكار المنكرين.
ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع.
والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.