٤ - ١٣ ﴿فِيهَا سُرُرٌ﴾ يجلسون عليها، جمع: سرير هو معروف ﴿مَرْفُوعَةٌ﴾؛ أي: رقيقة (١) السمك؛ أي: عالية في الهواء على قوائم طوال، فإن السمك هو الامتداد الآخذ من أسفل الشيء إلى أعلاه، فالمراد برفعة سمكها: شدة علوها في الهواء، فيرى المؤمن إذا جلس عليها جميع ما أعطاه ربه في الجنة من النعيم الكبير، والملك العظيم، ويرى من في الجنة، وفي ذلك من التشريف والتكريم ما لا خفاء فيه، وفي الحديث: "ارتفاعها كما بين السماء والأرض مسيرة خمس مئة عام" قيل: إذا جاء ولي لله ليجلس عليها تطامنت له، فإذا استوى عليها ارتفعت، ويجوز أن يكون المعنى: رفيعة المقدار من حيث اشتمالها على جميع أنواع الحسن والكمال في ذواتها وصفاتها.
٥ - ١٤ ﴿وَأَكْوَابٌ﴾؛ أي: وفيها أكواب وأقداح يشربون بها، جمع: كوب بالضم، وهو إناء لا عروة له ولا خرطوم، مدَوَّر الرأس ليمسك ويشرب منه من أي طرف أريد، بخلاف الإبريق، وهو مستعمل في بعض بلاد العرب الآن، ولذا وقع به التشويق. ﴿مَوْضُوعَةٌ﴾ على حافات العيون كلما أرادوا أن يشربوا منها وجدوها، أو موضوعة بين أيديهم حاضرة لديهم لا يحتاجون إلى أن يدعوا بها، وهو لا ينافي أن يكون بعض الأقداح في أيدي الغلمان، كما سبق في سورة: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ﴾.
٦ - ١٥ ﴿وَنَمَارِقُ﴾؛ أي: وسائد يستندون إليها للاستراحة جمع: نمرقة، بفتح النون وضمها، والراء مضمومة فبهما بمعنى: الوسادة ﴿مَصْفُوفَةٌ﴾؛ أي: مصفوف (٢) بعضها إلى جوانب بعض، كما يشاهد في بيوت الأكابر، فإن شاؤوا جلسوا عليها، وإن أرادوا استندوا إليها، وإن أحبوا أن يجلسوا على بعضها، ويستندوا إلى بعض فعلوا، كلما أراد المؤمن أن يجلس جلس على واحدة، واستند إلى أخرى، وعلى رأسه وصائف كأنهن الياقوت والمرجان.
٧ - ١٦ ﴿وَزَرَابِيُّ﴾؛ أي: وفيها بسط فاخرة، جمع: زربي وزربية. قال أبو عبيدة والفراء: الزرابي: الطنافس التي لها خمل رقيق، واحدها: زربية، قال الراغب: هو ضرب من الثياب محبر منسوب إلى موضع على طريق التشبيه والاستعارة ﴿مَبْثُوثَةٌ﴾؛ أي: مبسوطة على السرر زينة وتمتعًا، أو مبسوطة تحتهم، وقال الفراء؛ معنى

(١) روح البيان.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon