ومنها: حذف المفعول في قوله: ﴿فَذَكِّرْ﴾؛ أي: الناس؛ لإفادة العموم.
فائدة: واعلم أنه يجوز حذف المفعول به لغرض:
إما لفظي: كتناسب الفواصل؛ أي: رؤوس الآي، وذلك كما في قوله تعالى: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (٣)﴾، والأصل: ﴿وما قلاك﴾، فحذف المفعول ليناسب قوله: ﴿وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢)﴾، وكالإيجاز، كما في قوله تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا﴾ والأصل: فإن لم تفعلوه، ولن تفعلوه؛ أي: الإتيان بسورة من مثله.
وإما معنوي: كاحتقاره، نحو: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي﴾؛ أي: لأغلبن الكافرين، فحذف المفعول زيادة في امتهانه واحتقاره، أو لاستهجانه واستقباح التصريح به، كقول عائشة رضي الله عنها: ما رأى منى، ولا رأيت منه؛ أي: العورة.
ومنها: تقديم الجار والمجرور في قوله: ﴿إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (٢٥) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (٢٦)﴾ لإفادة التخصيص والمبالغة في الوعيد، فإنه يفيد معنى أن يقال: إن إيابهم ليس إلا إلى الجبار المقتدر على الانتقام، كما أن مبدأهم وصدورهم كان منه تعالى.
ومنها: العطف بـ ﴿ثُمَّ﴾ للدلالة على التراخي في الرتبة لا في الزمان، لأنه قد يكون مباشرة بعد الإياب، ولكين التفاوت بين الموقفين أمر لا تكتنه أهواله، ولا يدري أحد مداه.
ومنها: مجيء الخبر مؤكدًا بـ ﴿إِنَّ﴾، كأنهم بحاجة إلى تأكيد هذا الأمر الذي أشاحوا عنه، ولم يتدبروه لترددهم فيه.
ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع.
والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب
* * *


الصفحة التالية
Icon