بالنوم على إعادة القوى، وتختفي الناس من مطاردة اللصوص، ولله در المتنبي حيث قال:

وَكَمْ لِظَلَامِ اللَّيْلِ عِنْدَكَ مِنْ يَدٍ تُخَبِّرُ أَنَّ الْمَانَوِيَّةَ تَكْذِبُ
٥ - ثم قرر سبحانه فخامة الأشياء التي أقسم بها قبل، وكونها أهلًا لأن تعظم، فقال: ﴿هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ﴾ إلخ، وهذا تقرير (١) وتحقيق لفخامة شأن المقسم بها، وكونها أمورًا جليلةً حقيقةً بالإعظام والإجلال عند أرباب العقول، وتنبيه على أن الإقسام بها أمر معتد به، خليق بأن يؤكد به الأخبار على طريقة قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦)﴾، كما يقول من ذكر حجة باهرة: هل فيما ذكرته حجة.
والمعنى: هل فيما ذكر من الأشياء المقسم بها، فالإشارة بذلك إلى تلك الأمور، والتذكير فيه بتأويله بالمذكور؛ أي: في ذلك المذكور من الأمور التي أقسمنا بها ﴿قَسَمٌ﴾؛ أي: مقسم به حقيق بأن تؤكد به الأخبار، وفي "فتح الرحمن": مقنع ومكتفى ﴿لِذِي حِجْرٍ﴾؛ أي: لذي عقل ولب منور بنور المعرفة والحقيقة، يراه حقيقًا بأن يقسم به إجلالًا وتعظيمًا، والمراد: تحقيق أن الكل كذلك، وإنما أوثرت هذه الطريقة هضمًا للخلق، وإيذانًا بظهور الأمر، أو المعنى: هل (٢) في الإقسام بتلك الأمور المذكورة إقسام لذي حجر مقبول عنده، يعتد به، ويفعل مثله، ويؤكد به المقسم عليه. والحجر - بكسر الحاء وسكون الجيم -: العقل: سمي به؛ لأنه يحجر صاحبه؛ أي: يمنعه من التهافت فيما لا ينبغي، كما سمي عقلًا ونهيةً بضم النون؛ لأنه يعقل وينهى، وحصاةً أيضًا من الإحصاء، وهو الضبط، قال الفراء: يقال: إنه لذو حجر إذا كان قاهرًا لنفسه، ضابطًا لها، مضيقًا عليه، والتنوين في الحجر للتعظيم، قال بعض الحكماء: العقل للقلب بمنزلة الروح للجسد، فكل قلب لا عقل له، فهو ميت بمنزلة قلب البهائم، والمراد: أن من (٣) كان ذا لب وعقل، يفطن إلى أن في القسم بهذه المخلوقات المشتملة على باهر الحكمة، وعجيب
(١) روح البيان.
(٢) روح البيان.
(٣) المراغي.


الصفحة التالية
Icon