المنورة من جهة الشام، والجوب: القطع، تقول: جبت القميص إذا قطعته، ومنه سمي: الجيب. والصخر: هو الحجر الصلب الشديد، والواد: أصله (١): الوادي، حذفت ياؤه اكتفاءً بالكسرة، ورعايةً لرؤوس الآي، وأصل الوادي: الموضع الذي يسيل فيه الماء، ومنه سمي المنفرج بين الجبلين واديًا، والمراد هنا: هو وادي أم القرى بالقرب من المدينة الشريفة من جهة الشام، قال أبو نضرة: أتى رسول الله - ﷺ - في غزوة تبوك على وادي ثمود، وهو على فرس أشقر، فقال: "أسرعوا السير، فإنكم في واد ملعون".
والمعنى: قطعوا صخر الجبال وخرقوها، فاتخذوا فيها بيوتًا نحتوها من الصخر، كما قال تعالى: ﴿وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا﴾، قيل: إنهم أول من نحت الجبال والصخور والرخام، وقد بنوا ألفًا وسبع مئة مدينة، كلها من الحجارة.
وقرأ ابن وثاب (٢): ﴿وثمود﴾ بالتنوين على أنه اسم لأبي القبيلة، والجمهور: بمنع الصرف على أنه اسم للقبيلة، وقيل: جابوا واديهم، وجلبوا ماءهم في صخر شقوه، فعل ذي القوة والآمال.
وقرأ الجمهور: ﴿بِالْوَادِ﴾ بحذف الياء وصلًا ووقفًا اتباعًا لرسم المصحف، وقرأ ابن كثير: بإثباتها فيهما، وقرأ قنبل في رواية عنه: بإثباتها في الوصل دون الوقف.
والخلاصة (٣): أي وألم تر يا محمد أو أيها المخاطب، كيف فعل رب بثمود، الذين قطعوا الصخر ونحتوه، وبنوا منه القصور والأبنية العظيمة، كما قال في آية أخرى: ﴿وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ (١٤٩)﴾، وفي هذا دليل على ما أنعم الله به عليهم من القوة والعقل وحسن التدبير، فإنهم كانوا ينحتون الجبال وينقبونها، ويجعلون تلك الأنقاب بيوتًا يسكنون فيها، وقوله: ﴿بِالْوَادِ﴾ متعلق بـ ﴿جَابُوا﴾ أو بمحذوف على أنه حال من الصخر.
١٠ - وقوله: ﴿وَفِرْعَوْنَ﴾ معطوف على ﴿عاد﴾ أيضًا؛ أي: وألم تر كيف فعل

(١) روح البيان.
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.


الصفحة التالية
Icon