آمنًا من الرجوع إلى الشهوات النفسانية. وفي "التعريفات": النفس المطمئنة: هي التي تنورت بنور القلب حتى تخلت من صفاتها الذميمة، وتحلت بالأخلاق الحميدة، وقيل: المطمئنة (١): هي الساكنة الموقنة بالإيمان، وتوحيد الله، الواصلة إلى ثلج اليقين، بحيث لا يخالطها شك، ولا يعتريها ريب. وقال الحسن: هي المؤمنة الموقنة، وقال مجاهد: هي الراضية بقضاء الله التي أيقنت أن ما أخطاها لم يكن ليصيبها، وأن ما أصابها لم يكن ليخطئها.
وقال مقاتل: هي الآمنة المطمئنة، وقال ابن كيسان: المطمئنة بذكر الله، وقيل: المطمئنة: هي الآمنة التي لا يلحقها خوف ولا حزن، قال ابن زيد: يقال لها ذلك عند الموت، وخروجها من جسد المؤمن في الدنيا، وقيل: عند البعث، وقيل: عند دخول الجنة.
وقرأ الجمهور (٢): ﴿يَا أَيَّتُهَا﴾ بتاء التأنيث، وقرأ زيد بن علي: ﴿يا أيها﴾ بغير تاء، ولا أعلم أحدًا ذكر أنها تذكر، وإن كان المنادى مؤنثًا إلا صاحب "البديع"، وهذه القراءة شاهدة بذلك، ولذلك وجه من القياس، وذلك أنه لم يثنَّ ولم يجمع في نداء المثنى والمجموع، فكذلك لم يؤنث في نداء المؤنث.
والمعنى: أي ويقول الله سبحانه وتعالى للمؤمن إكرامًا له بلا واسطة، كما كلم موسى عليه السلام، أو على لسان الملك عند خروج الروح من الجسد، أو عند تمام الحساب.
٢٨ - ﴿ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ﴾؛ أي: إلى ما وعدك ربك من الكرامة والزلفى، فكونه تعالى منتهى الغاية، إنما هو بهذا الاعتبار، فسقط تمسك المجسمة، واستدل بالرجوع الذي هو العود على تقدم الروح خلقًا حالة كونك ﴿رَاضِيَةً﴾ بما أوتيت من النعيم المقيم ﴿مَرْضِيَّةً﴾ عند الله تعالى؛ أي (٣): ارجعي إلى محل الكرامة بجوار ربك راضية بما عملت في الدنيا، مرضيًا عنك عملك الذي عملت فيها، إذ لم تكوني ساخطة لا في الغنى ولا في الفقر، ولم تتجاوزي حدود الشرع فيما لك حق، وما عليك من واجب، وقال عكرمة وعطاء: معنى {ارْجِعِي إِلَى
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.