فِي الْحَافِرَةِ (١٠)}.. قال كفار قريش: لئن حيينا بعد الموت لنخسرن، فنزلت: ﴿تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ﴾.
قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ...﴾ إلى آخر السورة سبب نزولها: ما أخرجه الحاكم وإبن جرير عن عائشة قالت: كان رسول الله - ﷺ - يسأل عن الساعة، حتى أنزل عليه قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (٤٢)...﴾ إلخ فانتهى.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس أن مشركي مكة سألوا النبي - ﷺ -، فقالوا: متى تقوم الساعة؟ استهزاءً منهم، فأنزل الله عزّ وجلّ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (٤٢)...﴾ إلى آخر السورة.
وأخرج الطبراني وابن جرير عن الطارق بن شهاب قال: كان رسول الله - ﷺ - يكثر ذكر الساعة، حتى نزلت: ﴿فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (٤٣) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (٤٤)﴾. وأخرج ابن أبي حاتم مثله عن عروة.
التفسير وأوجه القراءة
١ - افتتح سبحانه وتعالى هذه السورة الكريمة بالقسم ببعض مخلوقاته إظهارًا لعظيم شأنها، وجليل قدرها، وإتقان صنعها ونظامها، وغزارة فوائدها في هذا الكون العظيم الفسيح، وهذه المخلوقات مهما عظمت.. فهي مسخرة ومسيرة لأمر بارئها، خاضعة لسلطانه وجبروته وعظمته وحكمه وعدله وأمره جَلَّ وعلا، والقسم بغير الله لا يجوز لأحد من خلق الله، أما بالنسبة إلى الله تعالى.. فهو سبحانه يقسم بما شاء من مخلوقاته، لحكم عالية ومعان سامية يلفت النظر بها إلى أهمية المقسم به من المخلوقات، لدلالتها على عظمة خالقها وبارئها وموجدها من العدم، وأنها مخلوقة له سبحانه وتعالى، فقال:
﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا (١)﴾: الواو للقسم (١)، والقسم يدل على عظم شأن المقسم به، ولله تعالى أن يقسم بما شاء من مخلوقاته. تنبيهًا على ذلك العظم، كما مر آنفًا. و ﴿النازعات﴾: جمع نازعة، بمعنى طائفة من الملائكة نازعة، فأنث صفة الملائكة باعتبار كونهم طائفة، ثم جمعت تلك الصفة، فقيل: نازعات بمعنى: