لوازم الإسراع، فالسبق هنا لا يستلزم وجود المسبوق؛ إذ لا مسبوق هنا.
وفي "الشوكاني": ﴿وَالسَّابِحَاتِ﴾: الملائكة، تسبح في الأبدان لإخراج الروح، كما يسبح الغواص في البحر لإخراج شيء منه، وقال مجاهد: ﴿السابحات﴾: الموت يسبح في نفوس بني آدم، وقيل: هي الخيل السابحة في الغزو، ومنه قول عنترة:
وَالْخَيْلُ تُعْلَمُ حِيْنَ تَسْـ | ـبَحُ فِيْ حِيَاضِ الْمَوْتِ سَبْحَا |
٥ - وقوله: ﴿فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا (٥)﴾ (١) معطوف على ﴿السابقات﴾ بالفاء؛ للدلالة على ترتب التدبير على السبق بغير تراخ، والتدبير: التفكر في دبر الأمور وعواقبها، و ﴿أَمْرًا﴾: مفعول به لـ ﴿لمدبرات﴾. قال الراغب: يعني: الملائكة الموكلين بتدبير الأمور. انتهى؛ أي: التي تدبر أمرًا من الأمور الدنيوية والأخروية للعباد، كما رسم لهم من غير تفريط ولا تقصير، والمقسم عليه محذوف لدلالة ما بعده عليه من ذكر القيامة.
والمعنى: أقسم بالملائكة التي تدبر أمرًا من أمور العباد، لتبعثن بعد الموت للمجازاة. وجه الدلالة: أن الموت يستدعي البعث للأجر والجزاء؛ لئلا يستمر الظلم والجور في الوجود: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾، فكان الله تعالى يقول: إن الملائكة ينزلون لقبض الأرواح عند منتهى الآجال، ثم ينجر الأمر إلى البعث لما ذكر، فكان من شأن من يقر بالموت أن يقر بالبعث، فلذا جمع بين القسم بـ ﴿النازعات﴾ وبين البعث الذي هو الجواب، وفي عنوان هذه السورة وجوه كثيرة
(١) روح البيان.