﴿فَارْغَبْ﴾ أصل الرغبة: السعة في الشيء، يراد بها السعة في الإرادة، فإن قيل: رغب فيه وإليه يقتضي الحرص عليه، وإذا قيل: رغب عنه اقتضى صرف الرغبة عنه، والزهد فيه، وفي "القاموس": رغب فيه - كسمع - رغبًا، ويضم، رغبة أراده، وعنه لم يرده، وإليه رَغَبًا - محركة - ابتهل، من هو الضراعة والمسألة. والمعنى: فارغب بالسؤال، ولا تسأل غيره، فإنه القادر على إسعافك لا غيره.
البلاغة
وقد تضمنت هذه السورة الكريمة ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الاستفهام التقريري للامتنان والتذكير بنعم الرحمن في قوله: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١)﴾.
ومنها: الاستعارة التمثيلية في قوله: ﴿وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣)﴾ شبّه الذنوب يحمل ثقيل يرهق كأهل الإنسان، ويعجز عن حمله بطريق الاستعارة التمثيلية، ونقول في تقرير هذه الاستعارة: شبه حاله بحال من آده الحمل، وكلله العرق، وبرح به الجهد، حتى إذا انحط عنه الحمل تنفس الصعداء، وانزاحت عنه الكروب والأهوال بجامع أن كلًا منهما مجهود مكروب مما يحمل يتبرم به ويتذمر منه، ويربو أن ينحط عن كاهله، ثم استعير التركيب الدال على حال المشبه به للمشبه على سبيل الاستعارة التمثيلية والقرينة حالية.
ومنها: المجاز المرسل في قوله: ﴿صَدْرَكَ﴾، أي: قلبك فإنه من إطلاق المحل وإرادة الحال، والعلاقة المحلية.
ومنها: زيادة ﴿لَكَ﴾، للإيذان بأن الشرح من منافعه ومصالحه - ﷺ -؛ لأن بالشرح يحصل له الاستفادة والإفادة بالوحي.
ومنها: تقديم الجار والمجرور على المفعول الصريح في قوله: ﴿وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢)﴾ قصدًا إلى تعجيل المسرة له، وتشويقًا إلى المؤخر، وكذا يقال في قوله: ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (٤)﴾.
ومنها: التنكير للتفخيم والتعظيم في قوله: ﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٦)﴾ نكر اليسر