مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (٣) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (٥) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦)}.
٣ - قوله في سورة البقرة: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾.
٤ - قوله في سورة الأنفال: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤١)﴾.
فآية القدر صريحة في أن إنزال القرآن كان في ليلة القدر، وآية الدخان تؤكد ذلك وتبين أن النزول كان في ليلة مباركة، وآية البقرة ترشد إلى أن نزول القرآن كان في شهر رمضان، وآية الأنفال تدل على أن إنزال القرآن على رسوله - ﷺ - كان في ليلة اليوم المماثل ليوم التقاء الجمعين في غزوة بدر التي فرق الله سبحانه فيها بين الحق والباطل، ونصر حزب الرحمن على حزب الشيطان، ومن ذلك يتضح أن هذه الليلة هي ليلة الجمعة لسبع عشرة خلت من شهر رمضان.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿إِنَّا﴾ نحن ﴿أَنْزَلْنَاهُ﴾؛ أي: أنزلنا هذا القرآن الكريم جملة واحدة. ﴿فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ إلى سماء الدنيا من اللوح المحفوظ في مكان يقال له: بيت العنة، ثم نزل به جبريل عليه السلام على النبي - ﷺ - نجومًا متفرقة في مدة ثلاث وعشرين سنة، فكان ينزل بحَسَب الوقائع والحاجة إليه.
وقوله: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ﴾ النون (١) فيه للعظمة، من للدلالة على الذات مع الصفات والأسماء، والضمير للقرآن؛ لأن شهرته تقوم مقام تصريحه باسمه، وإرجاع الضمير إليه، فكأنه حاضر في جميع الأذهان، وعظمه بأن أسند إنزاله إلى جنابه مع أن نزوله إنما يكون بواسطة الملك، وهو جبريل على طريقة القصر بتقديم الفاعل المعنوي، إلا أنه اكتفى بذكر الأصل عن ذكر التبع، قال في بعض التفاسير: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ﴾: مبتدأ وخبر في الأصل بمعنى: نحن أنزلناه، فأدخل ﴿إنَّ﴾ للتحقيق، فاختير