العبادة هو حضور القلب.
٢ - ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢)﴾؛ أي: ما مقدار شرفها، وليس المراد: ما حقيقتها؟ فإنها مدة مخصوصة من الزمان، أي: وأي شيء أعلمك يا محمد ما هي؛ أي: إنك لا تعلم كنهها؛ لأن علو قدرها خارج عن دائرة دراية الخلق، لا يدريها أحد منهم، ولا يدريها إلا علام الغيوب، وهو تعظيم للوقت الذي أنزل فيه، ومن بعض فضائل ذلك الوقت أنه يرتفع سؤال القبر عمن مات فيه، وكذا في سائر الأوقات الفاضلة، ومن ذلك العيد، ثم مقتضى الكرم أن لا يسأل بعده أيضًا.
فصل في فضل ليلة القدر وما وقع فيها من الاختلاف
عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله - ﷺ -: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا.. غفر له ما تقدم من ذنبه" متفق عليه.
واختلف العلماء في وقتها (١)، فقال بعضهم: إنها كانت على عهد رسول الله - ﷺ -، ثم رُفعت لقوله - ﷺ - حين تلاحى الرجلان: "إني خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرفعت، فعسى أن يكون خيرًا لكم" وهذه غلط ممن قال بهذا القول؛ لأن آخر الحديث يرد عليه، فإنه - ﷺ - قال في آخره: "فالتمسوها في العشر الأواخر": في التاسعة والسابعة والخامسة، فلو كان المراد: رفع وجودها لم يأمر بالتماسها، وعامة الصحابة والتابعين فمن بعدهم من العلماء على أنها باقية إلى يوم القيامة.
روي عن عبد الله بن خنيس مولى معاوية قال: قلت لأبي هريرة: زعموا أن ليلة القدر رُفعت، قال: كذب من قال ذلك، قلت: هي في كل شهر رمضان استقبله؟ قال: نعم.
ومن قال ببقائها ووجودها اختلفوا في محلها، فقيل: هي متنقلة تكون في سنة في ليلة، وفي سنة أخرى في ليلة أخرى هكذا أبدًا، قالوا: وبهذا يُجمع بين الأحاديث الواردة في أوقاتها المختلفة، وقال مالك والثوري وأحمد وإسحاق وأبو
(١) الخازن.