ومنتهيًا عن نهيه اهـ.
﴿وَذَلِكَ﴾ المذكور من الجزاء والرضوان، وقال بعضهم (١): الأظهر أنه إشارة إلى ما ترتب عليه الجزاء والرضوان من الإيمان والعمل الصالح.
وعبارة "السمين": ذلك المذكور من الاستقرار في الجنة مع الخلود فيها ومن رضا الله عنهم كائن ﴿لِمَنْ خَشِيَ﴾ وخاف ﴿رَبَّهُ﴾ بامتثال المأمورات واجتناب المنهيات؛ أي: ذلك المذكور كائن لمن وقعت منه الخشية لله سبحانه وانتهى عن معاصيه بسبب تلك الخشية التي وقعت له لا مجرد الخشية مع الانهماك في معاصي الله سبحانه، فإنها ليست بخشية على الحقيقة.
والمعنى (٢): أي هذا الجزاء الحسن إنما يكون لمن ملأت قلبه الخشية والخوف من ربه، وفي ذلك تحذير من خشية غير الله، وتنفير من إشراك غيره به في جميع الأعمال، كما أن فيه ترغيبًا في تذكر الله ورهبته لدى كل عمل من أعمال البر حتى يكون العمل له خالصًا، إلى أن فيه إيماء إلى أن أداء بعض العبادات كالصلاة والصوم بحركات وسكنات مجردين عن الخشية لا يكفي في نيل ما أعد للذين آمنوا وعملوا الصالحات من الجزاء؛ لأن الخشية لم تحل قلوبهم ولم تهذب نفوسهم، وتلك الخشية التي هي من خصائص العلماء بشؤون الله تعالى مناط لجميع الكمالات العلمية والعملية المستتبعة للسعادات الدينية والدنيوية، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ والتعرض لعنوان الربوبية المعربة عن المالكية والتربية؛ للإشعار بعلة الخشية والتحذير من الاغترار بالتربية.
الإعراب
﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (١) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (٢)﴾.
﴿لَمْ﴾: حرف نفي وجزم. ﴿يَكُنِ﴾: فعل مضارع ناقص مجزوم بـ ﴿لَمْ﴾ ﴿الَّذِينَ﴾: اسمها، وجملة ﴿كَفَرُوا﴾: صلة الموصول. ﴿مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾: جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بمحذوف حال من الموصول، أو من الواو في

(١) روح البيان.
(٢) المراغي.
(٣) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon