نادرة: قال أبو عبد الله: حدَّثني أبو العيناء عن الأصمعي، قال: قرأ أعرابي: ﴿فمن يعمل مثقال ذرة شرًا يره * ومن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره﴾ فقدم وأخر فقلت له: قدمت وأخرت فقال:

خُذَا جَنْبَ هَرْشَى أَوْ قَفَاهَا فَإِنَّهُ كِلَا جَانِبَيْ هَرْشَى لَهُنَّ طَرِيْقُ
وروى هذه النادرة الزمخشري في "كشافه" أيضًا، وأضاف: وهرشى كسكرى، ثنية في طريق (مكة) عند الجحفة؛ أي: اسلكا أمام تلك الثنية من خلفها، فإنه - أي الحال والشأن - كلٌّ من جانبيها طريق للإبل التي تطلبانها، وتكرير لفظ هرشى لتقريرها في ذهن السامع خوف غفلته عنها، والمقام كان مقام هداية فحسن فيه ذلك.
البلاغة
وقد تضمنت هذه السورة الكريمة ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: جناس الاشتقاق في قوله: ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (١)﴾.
ومنها: الإضافة للتهويل والتفظيع.
ومنها: الإسناد المجازي في قوله: ﴿وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ﴾؛ لأن المخرج حقيقة هو الله سبحانه، نظير قولهم: أثبت الربيع البقل.
ومنها: الإظهار في مقام الإضمار في قوله: ﴿وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ﴾؛ لزيادة التقرير والتوكيد، ولتفخيم هول الساعة.
ومنها: إيثار الواو على الفاء في قوله: ﴿وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ﴾ مع أن الإخراج متسبب عن الزلزال؛ للتفويض إلى ذهن السامع.
ومنها: الاستفهام للتعجيب والاستغراب في قوله: ﴿وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (٣)﴾.
ومنها: إيثار (اللام) على (إلى) في قوله: ﴿بأن ربك أوحي لها﴾؛ لمراعاة الفواصل، ولأن ما يتعدى بـ (إلى) يجوز أن يتعدى بـ (اللام)، ولا عكس.


الصفحة التالية
Icon