﴿وَأَنْتَ حِلٌّ﴾ والحل: بمعنى الحال من الحلول؛ وهو النزول، يقال: حل وحلال وحرم وحرام بمعنى واحد، وحل في المكان إذا نزل فيه يحل - بضم الحاء - حلولًا، فهو حال، والمكان محلول فيه، والمعنى: أي: وأنت حال مقيم فيه.
﴿وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (٣)﴾؛ أي: وأقسم لك بأي والد وبأي مولود من الإنسان والحيوان والنبات.
﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (٤)﴾؛ أي: في نصب ومشقة يكابد مصائب الدنيا وشدائد الاخرة، وفي "المصباح": والكَبَد - بفتحتين - المشقة من المكابدة للشيء، وهو يتحمل المشاق في فعله، يقال: كَبِدَ الرجل كبدًا - من باب طرب - إذا وجعت كبده فانتفخت، ويقال: كبده إذا أصاب كبده، كذكرته إذا قطعت ذكره، ورأيته إذا قطعت رئته، ثم اتسع فيه حتى استُعمل في كل نصب ومشقة، ومنه اشتقت المكابدة بمعنى مقاساة الشدة، ومنه قال لبيد يرثي أخاه أربد:

يَا عَيْنُ هَلْ رَأيْتِ أرْبَدَ إِذْ قُمْنَا وَقَامَ الخُصُوْمُ فِي كَبَدِ
أي: في شدة الأمر وصعوبة الخطب.
﴿مَالًا لُبَدًا﴾؛ أي: مالًا كثيرًا متلبدًا من تلبد الشيء إذا اجتمع، وتكدس بعضه على بعض، ولا يخاف فناؤه من كثرته، يريد كثرة ما أنفقه رياء وسمعة وعداوة للنبي - ﷺ -.
﴿أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ﴾ أصله: يرأي بوزن يفعل، نقلت حركة الهمزة عين الفعل إلى الراء، ثم حذفت للتخفيف، ثم قُلبت الياء ألفًا لتحركها بعد فتح، ثم حذفت الألف لدخول الجازم، فلم يبق من الفعل إلا فاؤه فوزنه يفه.
﴿وَشَفَتَيْنِ﴾: مثنى شفة، فيه إعلال بحذف لامه، وأصله: شفهة، أو شفو لتصغيره على شفيهة، وجمعها على شفاه، حُذفت لامه وعُوّض عنها التاء ونظيره سنة.
﴿النَّجْدَيْنِ﴾: والنجدان: طريقا الخير والشر، والنجد في الأصل الطريق المرتفع وجمعه نجود، ومنه سميت نجد لارتفاعها عن انخفاض تهامة، وفي "القاموس" النجد: ما ارتفع من الأرض، وجمعه أنجد وأنجاد ونجاد ونجود ونُجُد، وجمع النجود: أنجدة، والطريق الواضح، وما خالف الغور؛ أي: تهامة، وتضم


الصفحة التالية
Icon