مطولة، وهي أرسخ من القصيرة، وهو في محل نصب على الحال من ضمير ﴿عَلَيْهِمْ﴾؛ أي: حال كونهم موثقين في أعمدة مطولة مغلولين عليها بأغل الذي أعناقهم، وقيل (١): هو في محل رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هم مغلولون بأغل الذي أعناقهم في أعمدة طوال في وسط جهنم، والنار ملتهبة من تحتهم، أو صفة لـ ﴿مُؤْصَدَةٌ﴾ و ﴿في﴾ بمعنى الباء، والمعنى: أنها مؤصدة مطبقة مغلقة عليهم أبوابها مشدودة تلك الأبواب بعمد ممددة؛ أي: بأعمدة طوال تعرض عليها وتشد بها، يعني (٢): إن أبواب جهنم أغلقت عليهم ممدودة على أبوابها عمد تشديدًا في الإغلاق، كما قاله ابن جزيّ.
وفي "القرطبي": ﴿في عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩)﴾ ﴿في﴾ بمعنى الباء؛ أي: مؤصدة بعمد ممددة، قاله ابن مسعود وهي قراءته: ﴿بعمد ممدودة﴾ وفي حديث رواه أبو هريرة عن النبي - ﷺ - قال: "ثم إن الله تعالى يبعث إليهم ملائكة بأطباق من نار، ومسامير من نار، وعمد من نار، فتطبق عليهم بتلك الأطباق، وتشد بتلك المسامير، وتمد بتلك العمد، فلا يبقى فيها خلل يدخل فيه روح، ولا يخرج منه غم، وينساهم الرحمن على عرشه، ويتشاغل أهل الجنة بنعيمهم، ولا يبعثون بعدها، وينقطع الكلام فيكون كلامهم زفيرًا وشهيقًا"، وذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨) في عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩)﴾ وقال قتادة: هم في عمد يعذبون، واختار هذا القول ابن جرير الطبري، وقال ابن عباس: إن العمد الممددة أغلال في أعناقهم، وقيل: قيود في
أرجلهم، قال: أبو صالح (٣)، وقال القشيري: والمعظم على أن العمد أوتاد الأطباق التي تُطبق على أهل النار، تشد تلك الأطباق بالأوتاد التي هي العمد حتى يرجع عليها غمها وحرها، فلا يدخل عليهم روح، وقيل: أبواب النار مطبقة عليهم، وهم في عمد في سلاسل وأغلال مطولة، وهي أحكم وأرسخ من القصيرة، وقيل: هم في عمد ممددة؛ أي: في عذابها وألمها يضربون بها، وقيل المعنى: في دهر ممدد؛ أي: لا انقطاع له. والله أعلم اهـ.
والمراد بذلك: تصوير شدة إطباق النار على هؤلاء وإحكامها عليهم، والمبالغة في ذلك؛ ليودع في قلوبهم اليأس من الخلاص منها، وعلينا أن نؤمن

(١) الشوكاني.
(٢) الفتوحات.
(٣) الفتوحات.


الصفحة التالية
Icon