في هاتين الكلمتين، فلا حاجة إلى تطويل الكلام بهما.
البلاغة
وقد تضمنت هذه السورة الكريمة ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: صيغة المبالغة في قوله: ﴿هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾؛ لأن بناء فُعَلة يدل على التكثير، والمبالغة في الفعل.
ومنها: التنكير في قوله: ﴿مَالًا﴾؛ أي: مالًا كثيرًا لا يكاد يحصى؛ ليدل على فخامته وكثرته بدليل قوله: ﴿وَعَدَّدَهُ﴾.
ومنها: الإظهار في مقام الإضمار في قوله: ﴿يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (٣)﴾؛ لزيادة التقرير والتأكيد، ومقتضى السياق أن يقال: يحسب أنه أخلده.
ومنها: التعبير بصيغة الماضي دون المضارع في قوله: ﴿أَخْلَدَهُ﴾ حيث لم يقل: يخلده؛ لكونه أمرًا محققًا عنده؛ لأن هذا الإنسان يحسب أن المال قد ضمن له الخلود، وإعطاء الأمان من الموت، فكأنه حكم قد فُرغ منه.
ومنها: الاستعارة التمثيلية في قوله: ﴿لَيُنْبَذَنَّ﴾ حيث شبههم استحقارًا لهم واستقلالًا بعددهم بحصيات أخذهن أحد في كله، فطرحهن في البحر، ويمكن أن تكون استعارة تصريحية تبعية، حيث استعار النبذ الذي هو الطرح للترك؛ لأن المعنى هنا: ليُتْرَكَنَّ في جهنم.
ومنها: المقابلة اللفظية الرائعة بين قوله: ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (١)﴾ وقوله: ﴿فِي الْحُطَمَةِ﴾؛ لأنه لما وصفه بهذه الصفة بصيغة دلت على أنها راسخة فيه ومتمكنة منه.. أتبع المبالغة المتكررة في الهمزة واللمزة بوعيده بالنار التي سماها بالحطمة؛ لما يكابد فيها من هول ويلقى فيها من عذاب، واختار في تعيينها صيغة مبالغة على وزن الصيغة التي ضمنها ذنب المقترف حتى يحصل التعادل بين الذنب والجزاء.
ومنها: التفخيم والتهويل في قوله: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (٥)﴾ تهويلًا لشأن جهنم.