تهامية ولا حجازية سوداء، وقيل: خضراء على قدر الخطاف، كل طائر منها في منقاره حجر، وفي رجليه حجران، كل حجر فوق حبَّة العدس، ودون حبَّة الحمص، مكتوب في كل حجر اسم من يُرمى به، ينزل على رأسه، ويخرج من دبره، ومرض أبرهة فتقطع أنملة أنملة، وما مات حتى انصدع صدره عن قلبه، وانفلت أبو مكسوم وزيره وطائره يتبعه حتى وصل إلى النجاشي، وأخبره بما جرى للقوم، فرماه الطائر بحجره، فمات بين يدي الملك، ذكره في "البحر".
٤ - وقوله: ﴿تَرْمِيهِمْ﴾ صفة أخرى لـ ﴿طَيْرًا﴾، وقرأ الجمهور (١): ﴿تَرْمِيهِمْ﴾ بالتاء، والطير اسم جمع يؤنث، كما في هذه القراءة، ويذكَّر كما في القراءة الآتية، وقرأ أبو حنيفة وأبو معمر وعيسى وطلحة في رواية عنه وابن يعمر: ﴿يرميهم﴾ بالتحتية؛ لأن اسم الجمع يذكر ويؤنث كما مر آنفًا، وقيل الضمير في ﴿يرميهم﴾ على هذه القراءة عائد على ﴿رَبُّكَ﴾ عَزَّ وَجَلَّ. ﴿بِحِجَارَةٍ﴾: جمع (٢) حجر بالتحريك بمعنى الصخرة، ويقال: رمى الشيء ورمى به ألقاه، ﴿مِنْ سِجِّيلٍ﴾؛ أي: من طين متحجر، وهو الآجر معرب من سَنْكِ وكِلْ، وقال بعضهم: متحجر من هذين الجنسين، وهما سنج الذي هو الحجر وجيل الذي هو الطين، أو هوْ عَلَم للديوان الذي كتب فيه عذاب الكفار، كما أن سجينا علم للديوان الذي تُكتب فيه أعمالهم، كأنه قيل بحجارة من جملة العذاب المكتوب المدون، واشتقاقه من الإسجال، وهو الإرسال.
قال في "الصحاح": قالوا هي حجارة من طين طُبخت بنار جهنم مكتوب فيها أسماء القوم، قال عبد الرحمن بن أبزى: ﴿مِنْ سِجِّيلٍ﴾ من السماء، وهي الحجارة التي نزلت على قوم لوط، وقيل: من الجحيم التي هي سجين، ثم أُبدلت النون لامًا، ومنه قول ابن مقبل:
وَرُفْقَةٍ يَضْرِبُوْنَ الْبِيْضَ ضَاحِيَةً | ضَرْبًا تَوَاصَتْ بِهِ الأَبْطَالُ سِجِّيْلَا |
(٢) روح البيان.