المبرد: أصل الضحى الصبح، وهو نور الشمس، قال أبو الهيثم: الضحى نقيض الظل، وهو نور الشمس على وجه الأرض، وأصله: الضحي فاستثقلوا الياء فقلبوها ألفًا، قيل: والمعروف عند العرب أن الضحى إذا طلعت الشمس، وبعيد ذلك قليلًا، فإذا زاد فهو الضحاء بالمد، قال المبرد: الضحى والضحوة مشتقان من الضح، فأبدلت الواو والألف من الحاء، والضح هو نور الشمس المنبسط على وجه الأرض المضاد للظل، وقيل: الضحى هو حر (١) الشمس؛ لأن حرها ونورها متلازمان، فإذا اشتد نورها.. قوي حرها، وهذا أضعف الأقوال، واختُلف (٢) في جواب القسم ماذا هو؟ فقيل: هو قوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩)﴾، قاله الزجاج وغيره، قال الزجاج: حُذفت اللام؛ لأن الكلام قد طال، فصار طوله عوضًا، وقيل: الجواب محذوف؛ أي: أقسمت بالشمس وما بعدها لتبعثن، وقيل تقديره: لَيُدَمْدِمَنَّ الله على أهل مكة؛ لتكذيبهم رسول الله - ﷺ -، كما دمدم على ثمود؛ لأنهم كذبوا صالحًا، وأما ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩)﴾ فكلام تابع لقوله: ﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨)﴾ على سبيل الاستطراد، وليس من جواب القسم في شيء، وقيل: هو على التقديم والتأخير بغير حذف، والمعنى: قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها، والشمس وضحاها إلخ، والأول أولى.
٢ - ﴿و﴾ أقسمت بـ ﴿الْقَمَرِ﴾ وهو كوكب ليلي لهو سلطنة في الليل على سائر الكواكبـ ﴿إِذَا تَلَاهَا﴾؛ أي: إذا تلا القمر الشمس وتبعها في الإضاءة والنور بأن طلع بعد غروبها آخذًا من نورها، وذلك (٣) في النصف الأول من الشهر إذا غربت الشمس تلاها القمر في الإضاءة، وخلفها في النور، وقيل: تلاها في الاستدارة، وذلك حين يكمل ضوءه ويستدير جرمه، وذلك في الليالي البيض، وقيل: ﴿تَلَاهَا﴾ تبعها في الطلوع، وذلك في أول ليلة من الشهر إذا غربت الشمس ظهر الهلال، فكأنه تبعها.
والمعنى (٤): أي وأقسمت بالقمر إذا تلا الشمس وتبعها في الليالي البيض من الليلة الثالثة عشرة من الشهر إلى السادسة عشرة وقت امتلائه، أو قربه من الامتلاء حين يضيء الليل كله من غروب الشمس إلى الفجر، وهذا قسم بالضوء في طور
(٢) الشوكاني.
(٣) الخازن.
(٤) المراغي.