وظاهر الآية: العموم وأن هذا شأن كل من يبغض النبي - ﷺ -، ولا ينافي ذلك كون سبب النزول هو العاص بن وائل أو غيره، فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما مر غير مرة. والله أعلم بمراده.
وقرأ الجمهور (١): ﴿شَانِئَكَ﴾ بالألف، وقرأ ابن عباس: ﴿شنيك﴾ بغير ألف، فقيل: هو مقصور من شانىء، كما قالوا: بَرَر وبَر في بارِر وبار، ويجوز أن يكون بناء على فعل، وهو مضاف للمفعول إن كان بمعنى الحال أو الاستقبال، وإن كان بمعنى الماضي فتكون إضافته لا من نصب على مذهب البصريين، وقد قالوا: حذر أمورًا، ومزقون عرضي، فلا يستوحش من كونه مضافًا للمفعول، ولفظ ﴿هُوَ﴾ مبتدأ، والأحسن الأعرف في المعنى أن يكون ضمير فصل؛ أي: هو المنفرد بالبتر المخصوص به لا رسول الله - ﷺ -، فجميع المؤمنين أولاده، وذكره مرفوع على المنائر والمنابر، ومسرود على لسان كل عالم وذاكر إلى آخر الدهر، يُبدأ بذكر الله تعالى، ويثَنَّى بذكره - ﷺ -، وله في الآخرة ما لا يدخل تحت الوصف - ﷺ - وعلى آله وصحبه وشرَّف وكرَّم صلاة وسلامًا دائمين ما بقي الدهر.
الإعراب
﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)﴾.
﴿إِنَّا﴾: ناصب واسمه، وجملة ﴿أَعْطَيْنَاكَ﴾: خبره، وجملة ﴿إن﴾ مستأنفة استئنافًا نحويًا. ﴿أَعْطَيْنَاكَ﴾: فعل وفاعل ومفعول أول، و ﴿الْكَوْثَرَ﴾: مفعول به ثان؛ ﴿فَصَلِ﴾: ﴿الفاء﴾: عاطفة تفريعية؛ لكون ما بعدها مرتبًا على ما قبلها، أو فصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا عرفت إعطاءنا إياك الخير الكثير الذي لا يُعد ولا يحصى، وأردت بيان ما يلزمك في شكره، فأقول لك صل لربك، ﴿صل﴾: فعل أمر مبني على حذف حرف العلة، وفاعله ضمير مستتر يعود على محمد - ﷺ -، تقديره: أنت. ﴿لِرَبِّكَ﴾: متعلق بـ ﴿صل﴾، والجملة الفعلية على القول الأول معطوفة على جملة ﴿إن﴾، وعلى الثاني مقول لجواب إذا

(١) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon