التفسير وأوجه القراءة
١ - و ﴿الألف﴾ (١) و ﴿اللام﴾ في قوله: ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)﴾ للجنس، ولكنها لما كانت الآية خطابًا لمن سبق في علم الله أنه يموت على كفره.. كان المراد بهذا العموم خصوص من كان كذلك؛ لأن من الكفار عند نزول هذه السورة من أسلم وعبد الله تعالى.
قال المفسرون: في مناداتهم (٢) بهذا الوصف الذي يسترذلونه في بلدتهم ومحل عزهم وشوكتهم إيذان بأنه - ﷺ - محروس منهم، ففيها عَلَم من أعلام النبوة، وفي التعبير بالجمع الصحيح دلالة على قلتهم أو حقارتهم وذلتهم، وهم كفرة مخصوصة كالوليد بن المغيرة وأبي جهل والعاص بن وائل وأضرابهم ممن قد علم الله أنه لا يأتي ولا يتأتى منهم الإيمان أبدًا على ما هو مضمون السورة، فالخطاب للرسول - ﷺ - بالنسبة إلى قوم مخصوصين، فلا يرد أن مقتضى هذا الأمران يقول كل مسلم ذلك لكل جماعة من الكفار، مع أن الشرع ليس حاكمًا به؛ أي: قل لهم يا محمد يا هؤلاء الكفرة الذين علم الله عدم إيمانهم يعني صناديد قريش المذكورين آنفًا.
٢ - ﴿لَا أَعْبُدُ﴾ أنا فيما يُستقبل من الزمان ﴿مَا تَعْبُدُونَ﴾؛ أي: الأصنام التي تعبدونها؛ لأن لا، لا تدخل غالبًا إلا على مضارع في معنى الاستقبال، كما أن ما، لا تدخل إلا على مضارع في معنى الحال، ألا ترى أن لن تأكيد فيما تنفيه لا، قال الخليل في: لن أصله لا، والمعنى: لا أفعل في المستقبل ما تطلبونه مني من عبادة آلهتكم.
٣ - ﴿وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٣)﴾؛ أي: ولا أنتم فاعلون في المستقبل ما أطلب منكم من عبادة إلهي، والمراد: ولا أنتم عابدون عبادة يعتد بها؛ إذ العبادة مع إشراك الأنداد لا تكون في حيز الاعتداد.
٤ - ﴿وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (٤)﴾؛ أي: وما كنت عابدًا فيما سلف ما عبدتم فيه؛ أي: لم يُعهد مني عبادة صنم في الجاهلية، فكيف يرجى مني في الإِسلام.
(٢) روح البيان.