بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ في دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (٣)﴾.
أسباب النزول
قيل: نزلت منصرَفَهُ - ﷺ -، من غزوة خيبر، وعاش بعد نزولها سنتين، وقال ابن عمر: نزلت في أوسط أيام التشريق بمنى في حجة الوداع، وعاش - ﷺ - بعدها ثمانين يومًا أو نحوها، وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: أُنزل بالمدينة: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١)﴾ وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبزار وأبو يعلى وابن مردويه والبيهقي، في "الدلائل" عن ابن عمر قال: هذه السورة نزلت على رسول الله - ﷺ - أوسط أيام التشريق بمنى، وهو في حجة الوداع ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١)﴾ حتى ختمها، فعرف رسول الله - ﷺ - أنها الوداع.
وأخرج أحمد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس قال: لما نزلت: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١)﴾ قال رسول الله - ﷺ -: "نُعيت إلى نفسي وقرب إليَّ أجلي"، وأخرج النسائي وعبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد" وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عنه أيضًا قال: لما نزلت ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١)﴾ نُعِيَتْ لرسول الله - ﷺ - نفسه حين أنزلت، فأخذ في أشد ما كان قط اجتهادًا في أمر الآخرة.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أم حبيبة قالت: لما أُنزل ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١)﴾ قال رسول الله - ﷺ -: "إنه الله لم يبعث نبيًا إلا عمر في أمته شطر ما عُمِّر النبي الماضي قبله، فإن عيسى ابن مريم كان أربعين سنة في بني إسرائيل، وهذه لي وعشرون سنة، وأنا ميت في هذه السنة" فبكت فاطمة، فقال النبي - ﷺ -: "أنت أول أهلي بي لحوقًا فتبسمت".
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال: لما نزلت: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١)﴾.. دعا رسول الله - ﷺ - فاطمة، وقال: "إنه قد نُعيت إلى نفسي"، فبكت ثم


الصفحة التالية
Icon