على الصورة التي كانت عليها حين كانت تحمل حزمة الشوك، فلا يزال على ظهرها حزمة من حطب النار من شجر الزقوم أو الضريع، وفي جيدها حبل مما مسد من سلاسل النار، كما يعذب كل مجرم بما يجانس حاله في جرمه انتهى.
وفي "ينبوع الحياة": إنها لما بلغها سورة: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ﴾، جاءت إلى أخيها أبي سفيان في بيته وهي متحرقة غضبى، فقالت له: ويحك يا أحمس؛ أي: يا شجاع، أما تغضب أن هجاني محمد، فقال: سأكفيك إياه، ثم أخذ بسيفه وخرج ثم عاد سريعًا، فقالت له: هل قتلته؟ فقال لها: يا أختي أيسرك أن رأس أخيك في فم ثعبان قالت: لا والله، قال: فقد كاد ذلك يكون الساعة؛ أي: فإنه رأى ثعبانًا لو قرب منه - ﷺ - لالتقم رأسه، ثم كان من أمر أبي سفيان الإِسلام، ومن أمر أخته الموت على الكفر، والكل من حكم الله السابق.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو زرعة عن أسماء بنت أبي بكر الصديق قالت: لما نزلت ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ﴾ أقبلت العوراء أم جميل بنت حرب ولها ولولة، وفي يدها فهر، وهي تقول:

مَذَمَّمًا أَبَيْنَا وَدِيْنَهُ قَلَيْنَا
وَأَمْرَهُ عَصَيْنَا
ورسول الله - ﷺ - جالس في المسجد ومعه أبو بكر، فلما رآها أبو بكر.. قال: يا رسول الله قد أقبلت، وأنا أخاف أن تراك، فقال رسول الله - ﷺ -: إنها لن تراني، وقرأ قرآنًا اعتصم به، كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (٤٥)﴾ فأقبلت حتى وقفت على أبي بكر، ولم تر رسول الله - ﷺ -، فقالت: يا أبا بكر إني أخبرت أن صاحبك هجاني، قال: لا ورب البيت ما هجاك، فولت وهي تقول: قد علمت قريش أني ابنة سيدها، وأخرجه البزار بمعناه، وقال: لا نعلمه يروى بأحسن من هذا الإسناد، وفي قصتها قال البوصيري في همزيته:
يوم جاءت غضبى تقول أفي مثـ ـلِيَ من أحمدَ يقال الهجاءُ
فولت وما رأته ومن أيـ ـن ترى الشمسَ مقلةٌ عمياءُ
ولقد عير بعض الناس الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب بحمالة


الصفحة التالية
Icon