فمنها: المجاز المرسل في قوله: ﴿يَدَا أَبِي لَهَبٍ﴾ حيث أطلق الجزء وأراد الكل؛ أي: هلك أبو لهب.
ومنها: الجناس بين ﴿أَبِي لَهَبٍ﴾ وبين ﴿نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ﴾ فالأول كنية، والثاني وصف للنار.
ومنها: الكنية للتصغير والتحقير في قوله: ﴿أَبِي لَهَبٍ﴾ فليس المراد تكريمه، بل تشهيره كأبي جهل.
ومنها: التعبير بصيغة الماضي في قوله: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١)﴾ إشعارًا بتحقق وقوعه.
ومنها: التهكم والسخرية منها في قوله: ﴿فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥)﴾ فقد صورها تصويرًا فيه منتهى الخسة والقماءة، حيث أخبر عنها بأنها تحمل تلك الحزمة وتربطها في جيدها تخسيسًا لحالها، وتصويرًا لها بصورة بعض الحطابات من المواهن جمع ماهن، وهي الخدم؛ لتمتعض من ذلك ويمتعض زوجها، وهما في بيت العز والشرف، وفي منصب الثروة والجِدَة، وقد تعلق الشعراء بأذيال هذه السخرية، فعيَّر أحدهم الفضل بن العباس بن عُتبة ابن أبي لهب بحمالة الحطب، فقال:

مَاذَا أَرَدْتَ إِلَى شَتْمِيْ وَمَنْقَصَتِيْ أَمْ مَا تُعَيِّرُ مِنْ حَمَّالَةِ الْحَطَبِ
غَرَّاءُ شَادِخَةٌ فِيْ الْمَجْدِ سَامِيَةٌ كَانَتْ سَلِيْلَةَ شَيْخٍ ثَاقِبِ الْحَسَبِ
والغراء: البيضاء، والشادخة: المتسعة، وذلك مجازي عن الظهور وارتفاع المقدار، والسليلة مَن سُلَّ من غيره، والمراد بالشيخ أبوها حرب؛ لأنها أم جميل أخت أبي سفيان بن حرب.
وقيل: حمل الحطب حقيقة، وقيل: مجاز عن إثارة الفتنة؛ لأنها كانت نمامة، وإلى شتمي متعلق بمحذوف، أو بأردت على طريق التضمين؛ أي: أي شيء أردته مائلًا أنمت إلى شتمي، أو منضمًا هو إلى شتمي؟ أو ما الذي أردته من شتمي؟ أو مع شتمي، هل أردت أنك شريف لا عيب فيك؟ ويجوز أن تكون إلى بمعنى من، كما قال النحاة: ويمكن أنها للمصاحبة، كما قالوا أيضًا في قوله: {وَلَا تَأْكُلُوا


الصفحة التالية
Icon